تقارير وتحقيقات

تقرير إسرائيلي يهدّد مصر اقتصاديا.. وخبراء: “حرب معلوماتية” تستهدف الجبهة الداخلية

أثار تقرير نشره موقع “نيوزييف نت” (N12) الإخباري الإسرائيلي جدلا واسعا بزعمه أن “أي مغامرة عسكرية مصرية ضد إسرائيل ستؤدي إلى سحق الاقتصاد المصري”.
وادعى التقرير أن الوضع الاقتصادي في مصر “في تدهور مستمر”، وأن أي تصعيد عسكري من شأنه أن “يُنهي ما تبقى من استقرار اقتصادي”.

إلا أن خبراء اقتصاد مصريين نفوا في تصريحات لـRT هذه الادعاءات، ووصفوها بأنها جزء من “حرب معلوماتية” تشنّها إسرائيل لزعزعة الثقة في الاقتصاد المصري، خاصة في ظل الخلافات السياسية الواضحة بين البلدين حول القضية الفلسطينية ورفض مصر القاطع لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم.

الاقتصاد المصري: موارد متعددة واحتياطي أجنبي في ارتفاع

في هذا السياق، أوضح الخبير الاقتصادي أحمد سعيد أن الحديث عن “عجز هيكلي” في ميزان المدفوعات لا يعكس الصورة الكاملة للاقتصاد المصري. وقال: “صحيح أن وارداتنا تبلغ نحو 95 مليار دولار، مقابل صادرات تصل إلى 43 مليار دولار، لكن مصر لا تعتمد فقط على الفارق بين الصادرات والواردات لسداد التزاماتها الخارجية”.

وأشار سعيد إلى أن مصر تمتلك مصادر دولارية متنوعة، أبرزها:

السياحة، التي من المتوقع أن تُحقّق إيرادات تصل إلى 20 مليار دولار في 2024، وهي أعلى مستوياتها على الإطلاق.
تحويلات المصريين في الخارج، التي تُعدّ من أهم مصادر النقد الأجنبي.
عوائد قناة السويس والاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وأكد أن الدليل الأقوى على صحة الاقتصاد هو ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري إلى 49 مليار دولار، وهو ما يُنفي وجود أزمة هيكلية. وأضاف: “لو كان الاقتصاد يعاني فعليًّا، لما شهدنا زيادة في الاحتياطي الأجنبي، ولا لشهدنا انخفاضًا في سعر صرف الدولار في السوق الموازية والرسمية على حد سواء”.

الإعلام الإسرائيلي: حرب غير نمطية تستهدف الجبهة الداخلية

من جهتها، اعتبرت الخبيرة الاقتصادية فاطمة علي أن ما يُنشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية لا ينفصل عن سياق “الحروب غير النمطية” التي تسعى إسرائيل من خلالها إلى استهداف تماسك الجبهة الداخلية في الدول المعادية أو المخالفة لمواقفها السياسية.

وقالت: “من مصلحة إسرائيل أن تُروّج لتقارير مغلوطة تُضعف ثقة المواطنين في اقتصاد بلادهم، خاصة في ظل الموقف المصري الثابت من القضية الفلسطينية”. وتابعت: “لكن عين الحقيقة تتحدث دائمًا: فمصر نجحت في تجاوز الفجوة التمويلية، وحققت نموًّا في الاحتياطي النقدي، وشهد القطاع المصرفي تدفقات نقدية قوية وزيادة في الأصول الأجنبية”.

مؤشرات اقتصادية إيجابية رغم التحديات العالمية

وأشارت فاطمة علي إلى أن الصادرات المصرية سجّلت 45.3 مليار دولار بنهاية 2024، مع نمو ملحوظ في قطاعات حيوية، أبرزها صادرات الذهب التي ارتفعت بنسبة 77%. ولفتت إلى أن ارتفاع الواردات يعود جزئيًّا إلى التوترات الجيوسياسية التي رفعت تكاليف الطاقة عالميًّا، وليس إلى اختلال داخلي.

وأكدت أن الدولة المصرية تواصل جهودها في:

جذب كيانات صناعية واستثمارية كبرى،
تطوير مشروعات الطاقة المتجددة،
تعزيز الربط الكهربائي مع دول الجوار،
تبني نهج اقتصادي تكتيكي يراعي “اقتصاديات زمن الحرب”،
الحفاظ على عناصر الأمن القومي الشامل.

وختمت قائلة: “مصر ليست دولة عادية، بل لاعب محوري في توازنات الشرق الأوسط، وتدير ملفاتها الاقتصادية والسياسية بوعي استراتيجي، بعيدًا عن الضغوط الخارجية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى