د.فيروزالولي تكتب :”الوطن مش حساب بنكي.. والزعامة مش وراثة!”

أيّها المواطن الهادئ الذي يعيش في دولة خارج اليمن – تحديدًا حيث تكون البنوك آمنة، والمناخ السياسي بلا غارات – دعنا نذكّرك بشيء بسيط: نحن لا نعاني من الزهايمر السياسي… نحن فقط نعيش وسط حفلة نسيان جماعية مدفوعة الثمن.
سيادة الفريق، النجل، الفخامة، الصفة التي تحبها أنت ومؤيدوك على مواقع التواصل (التي يغرد فيها أغلبهم من عواصم غير عربية)…
لقد سمعناك تحاول مؤخراً، تداعب مشاعر اليمنيين، تلمّح، تبتسم للكاميرا، ترمش ببطء، وتعيد تدوير نفس الجملة المحفوظة:
“الوضع قبل 2011 كان أفضل.”
صحيح…
بس مش معنى إن الوالد، الله يرحمه، كان حاكم البلاد، يعني لازم الولد يجي بعده بنفس التذكرة!
نحن شعب، مش شركة عائلية!
الوطن مش مزرعة، مش مزاد علني، ولا هو “تركة” يوزعها المحامي بعد الفاتحة!
فلنفتح الملفات:
ستين مليار دولار – بحسب المزاعم – مبعثرة في بنوك العالم، لا منها “قلبة” للريال اليمني، ولا “مُحرّم” لمستشفى، ولا حتى مظلّة لباص طلاب في سنحان نفسها!
أين المدرسة يا أحمد؟
هل بُنيت مدرسة واحدة باسمك؟ مستشفى؟ خزان ماء؟ مركز تدريب مهني؟
مش ضروري ناطحة سحاب… نرضى بكشك إسعاف ميداني في القرية!
الشرعية ليست بالوراثة!
نحن لم نقُل إن ما قبل 2011 كان جحيماً، بل قلنا إن من جاءوا بعده كانوا أفشل من أن يستحقوا لقب قيادة!
هذا لا يعني أنك الوريث الشرعي والوحيد لقلوب اليمنيين.
الكوميديا السوداء:
يا أخي أحمد، كلما سمعنا عنك، نراك في مشهد يُشبه ممثلاً فقد السيناريو على الهواء مباشرة.
تحاول التحدث عن اليمن، وكأنك شاهدها من خلال خرائط غوغل، وليس من ذاكرة رجل عاش جزءاً من عمره على كراسي الدولة.
الناس هنا في الداخل مشغولون بمحاولة البقاء على قيد الحياة، بينما أنتم مشغولون بمحاولة البقاء على قيد الكاميرا.
نصيحة من مواطن حافي:
اليمن لم تعد تحتمل زعامات منزوعة الأفعال ومملوءة بالحنين المزيّف.
إن كنت فعلاً ترى أن اليمن تستحق الخير، فابدأ بما هو بسيط:
تبرّع بحصة صغيرة من استثماراتك لبناء مستشفى.
افتح جامعة مجانية لأبناء الشهداء.
ادعم مشاريع تنموية بلا صورك على الجدران.
ثم انسَ السياسة.
صدقني، لو فعلت هذا، سيدعوك الناس “قائدًا” من باب الاحترام، لا من باب الوراثة.
وفي الختام:
يا نجل الزعيم،
الوطن لا يُقاد بالاسم، بل بالفعل.
ولا يُحكم بالنسب، بل بالصدق.
فإن كان غيرك قد سرق ونهب وكذب، فهذا لا يجعلنا نُرحب بتدوير الزيف!
“اتركوا الشعب ينفُس.. لا تجيبوا له أزمة تنفس وراثية.”