فيس وتويتر

مصطفي السعيد يكتب :أزمة الديون الأمريكية عصية على الحل وتفتح طريق الإنهيار

لم يعد في الإمكان أن تسدد أمريكا ديونها التي تجاوزت 38 ترليون دولار، بل لم يعد بإمكانها التوقف عن مزيد من الإستدانة، فالعجز يتزايد في الموازنة، والنمو يتراجع، وكل الحلول المطروحة مجرد أمنيات غير قابلة للتطبيق، هناك مثلا من يقولون إن أزمة الديون بالدولار، وهو العملة الأمريكية، ولهذا بإمكانها تشغيل مطابعها بطاقة مضاعفة لسداد الديون، هذا الحل الذي يبدو سهلا سيؤدي إلى إنهيار المنظومة المالية الأمريكية بأكملها، سيكون تسونامي يدمر الإقتصاد الأمريكي ويمتد وراء المحيط، ليضرب أوروبا ومختلف دول العالم بدرجات متفاوتة، لكن ستكون أمريكا في مركز الزلزال، وأول من يسقط.. هناك حل آخر ردده ترامب، بأن يصدر عملات مشفرة، وبشجعها، لتجذب الأموال والديون ثم تنفجر ومعها قسط كبير من الديون، حل يشبه مقامرة سطحية وغبية، لا يمكن أن تمر أو تعالج الأزمة، ولن تقل مخاطرها عن طباعة دولارات بلا قيمة، لأن القاعدة الإقتصادية تقول إن الزيادة في طباعة النقود ينبغي أن تكون مماثلة لمعدل النمو. لكن أمريكا استغلت أن الدولار أصبح العملة المرجعية لباقي الدول، والإحتياطي النقدي للبنوك المركزية في العالم، بل للشركات والأفراد بوصفه مخزن للقيمة، وأسهل العملات في التعامل، لكي تزيد من طباعة الدولار، لكن الإفراط سيفقده الثقة، وبالتالي سيتخلص الجميع منه، ليصبح ورقة تفقد معظم قيمتها، ونرى حاليا كيف تنخفض قيمة الدولار أمام الذهب بل واليورو المأزوم، لكنه يحظى بثقة تفوق الدولار، وتتسابق البنوك المركزية والتجارية والشركات والأفراد على اقتناء الذهب والتخلص من نسبة تتزايد من الدولار. أما الحل الثالث فهو اتفيذ ميزانية تقشف حادة، تخفض الأجور والمعاشات وتقلص الخدمات مثل الصحة والتعليم وغيرها، وكذلك خفض شديد للإنفاق العسكري، وهذا الحل المنطقي الوحيد من الصعب جدا تنفيذه لأنه سيطيح بأي حكومة تنفذه، وستتراجع هيمنة الولايات المتحدة بسرعة نتيجة ضعفها العسكري والإقتصادي .. أما الطرح الرابع فهو ابتزاز دول العالم بأتاوات، وبيعها منتجات أمريكية بأضعاف سعرها تحت التهديد، وإجبارها على شراء أذون خزانة لا يمكن الوثوق فيها، وفرض رسوم جمركية باهظة على وارداتها، لكن هذا الحل سيؤدي إلى تمرد واسع على أمريكا، ورفض سلوكها العدواني، والمتخلي عن أسس النظام الرأسمالي، وستنعزل الولايات المتحدة وتضعف بانفراط عقد حلفائها، في مقابل صعود الدول المستقلة مثل الصين ومنظومتي البريكس وشنجهاي. هكذا تكون كل الطرق مغلقة أمام حل لأزمة الديون الأمريكية المستفحلة، وأصبح السؤال متي ينهار الإقتصاد الأمريكي، وهل سيكون انهيارا رأسيا سريعا، أم تراجع أفقي خطوة خطوة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى