صلاح البلك يكتب :كولومبيا ..شعب ورئيس في القلب

سنوات طويلة من الصداقة تربطني بعدد كبير من أهل كولومبيا الطيبين .. رجال ونساء .. شباب وعجائز .. قصص وحكايات لم تنته ولا زالت ممتدة إلى يومنا هذا حتى صار عدد الأصدقاء هناك أكثر بكثير منهم هنا.
مع كل ظهور لاسم كولومبيا يستحضر قلبي لحظات المرح والسعادة وكل الحكايات التي مرت طوال عقود .. تعلمت الأسبانية خلال تعاملاتي معهم .. حصلت على لقب ” camel ” لا يزال يناديني به من حولي حتي في أسرتي.
غوستافو فرانسيسكو بيترو أوريغو الرئيس اليساري الأول في تاريخ الدولة بمواقفه المؤيدة للحق الفلسطيني وقراراته التي تسبق العرب بمراحل صار يجسد رمزية “موقف أمريكا اللاتينية ” التي امتازت عبر تاريخها وفي معظم دولها بالتصدي للهيمنة الأمريكية ومساندة الشعوب المستضعفة في كل أنحاء الدنيا.
تبهرني هذه القارة بقدرتها على صناعة القادة وكان منهم 6 رؤساء دول من أصول عربية وكأنما يستعيدون كل القيم الإنسانية في مواجهة الغطرسة الأمريكية وهو ما يجعل منهم الحليف الأول لنا كعرب بل إن لهم السبق في اتخاذ مواقف واضحة مع شعب غزة لم نجرؤ على اتخاذ مثيل لها في أي دولة عربية.
بيترو يطالب بجيش لتحرير فلسطين .. يتظاهر في واشنطن .. يقطع علاقة كولومبيا بالصهاينة ..صار الرجل ضمير العالم وتعبيراً عن إنسانيته المفقودة ..لا يتوقف عن صناعة المواقف المساندة للشعب الفلسطيني من وحي ضميره وإدراكه أنها صارت قضية إجماع عالمي وهو صاحب دور هو الأكبر في صناعة هذا القدر من التفاعل والوعي بحقيقة ما يجري في غزة بل وتتطوير الأمر إلى اتخاذ قرارات على أرض الواقع لم يفعلها من يشاركون غزة الانتماء العرقي والدين وتلك جسور عبرها بيترو جميعاً ليقف عند الإنسانية والحق ويجعل منهما منطلقاً لصناعة مستقبل مختلف في المنطقة والعالم أجمع قد يغير ما نعيشه من أوضاع متردية وهيمنة إسرائيلية بمساندة أمريكية متغطرسة وصمت عربي وإسلامي مخجل.
مكانة كولومبيا في قلبي تتعزز كل يوم .. بدأت مع أصدقائي وامتدت عبر عقود ليدعمها اليوم موقف الشعب والرئيس الأحب إلى قلبي عبر سنوات العمر التي فاقت فيها محبتي لهم كل بلد آخر.
التساؤل الذي كان ولا يزال يحيرني يتعلق بهذا القدر من العلاقات العربية والإسلامية شديدة التراجع مع كل دول أمريكا الجنوبية صاحبة الموقف الأقوى في مساندة كل القضايا العربية “عدا الأرجنتين” التي تملك رصيداً حضارياً مشابهاً لما نملك بقدر كبير كونها جاءت من هجرات شبه الجزيرة الأيبيرية “أسبانيا والبرتغال” ومعلوم مدى تأثرهم بكل ما هو عربي ما يجعل منهم الأولى بالشراكة الاقتصادية والاستراتيجية عن أي دول أخرى.
رسائل المحبة لا يجب أن تتوقف عند الشعب الكولومبي والرئيس بيترو ..البرازيل والرئيس لولا دا سيلفا هو الآخر يستحق ومعه معظم دول القارة كل التحية.
في ذاكرتي مخزون من الحكايات والذكريات عن كولومبيا وأصدقاء برتبة “شقيق”..أبرزهم فيلاسكيز.. وبلاتا وسيلفا لا بد وأن تحكى عن شعب عظيم في حبه لنا ولمصر خاصة من بين كل العالم.