كتاب وشعراء

لَا يَمُوتُ شَعْبٌ …..بقلم عِصْمَتْ شَاهِين الدُّوسَكِي

يَقُولُونَ

: لِمَاذَا تَكْتُبُ قَصَائِدَ حَزِينَةً

دَمْعُ هُمُومٍ مَآسِي رَهِينَةٍ

قُلْتُ : مِنْ آدَمَ وَحَوَّاءَ

مَنْ جَمَعَ الْبَشَرَ عَلَى السَّفِينَةِ

قَالُوا : حِكَايَاتٌ رِوَايَاتٌ

قُلْتُ : تَوَارَثْنَا الْعُرَى

نَمْشِي عَلَى أَرْضٍ جَرْدَاءَ قَرِينَةٍ

هَذَا الْوَطَنُ

كُورٌ فِيهِ كُلُّ الْأَجْنَاسِ رَغْمَ أَنِينِهِ

عَرَبٌ أَكْرَادٌ مَسِيحٌ تُرْكْمَانٌ صَابِئَةٌ

بِأَلْوَانِ بَنَاتِهِ وَبَنِينِهِ

مِنْ حَضَارَاتٍ ذَهَبٍ وَصُولْجَانٍ

وَفُرْسَانٍ وَقَادَةٍ

تُخْرِجُ الْأَسَدَ مِنْ عَرِينِهِ

………….

ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُ الْمَآذِنِ

دُقَّتْ أَجْرَاسُ الْكَنَائِسِ

وَتَجَلَّتْ أَلْوَاحُ السَّمَاوَاتِ

طَافَتْ وَهَبَّتِ الْفَيْضَانَاتُ

عَلَى الْخَنَاجِرِ حَيَاتُنَا

تَمْضِي لِتَخْلُقَ الْحَيَاةَ

مِنْ وَطَنِ الذَّهَبِ

أَصْبَحَ وَطَنَ الْخَرَابِ وَالْمُكَابَدَاتِ

مِنْ وَطَنِ النَّهْرَيْنِ

أَصْبَحَ وَطَنَ الْعَطَشِ وَالْعَبَرَاتِ

مِنْ وَطَنِ النِّفْطِ

أَصْبَحَ وَطَنَ الضَّنْكِ وَالظُّلُمَاتِ

اشْهَدُوا وَهْنَ الْإِنْسَانِ

اشْهَدُوا مَاتَ الضَّمِيرُ

اشْهَدُوا هَاجَرَتِ الْحَيَاةُ

… ……….

قَالُوا : مَا زِلْتَ تَكْتُبُ

تَدَّعِي الرِّضَى

وَالْفَقْرُ لَا يُفَارِقُ الْإِحْسَاسَ

قُلْتُ : قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ

مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ

مَنْ يَشُمُّ الْوَرْدَ

وَالْيَاسَمِينَ وَالْعِطْرَ وَالْآسَ

يَرَى الْقُلُوبَ جَمِيلَةً

لَا يَضْرِبُ أَخْمَاسًا فِي أَخْمَاسٍ

لَا يُرَاقِبُ الصُّرُوحَ

وَالْقَلْبُ مَجْرُوحٌ

لَا يُرَاقِبُ أَبَدًا وَرْدَ النَّاسِ

لَا يُغَنِّي عَلَى دِمَاءٍ نُزِفَتْ

وَلَا عَلَى أَجْسَادٍ اغْتُصِبَتْ

وَأَرْضٍ سُرِقَتْ مِنْ فَاسٍ

…………..

تَمَزَّقْنَا مِنْ وَنَّةٍ تَأَلَّمَتْ

نَزَحَتْ أَحْلَامُنَا وَتَرَمَّلَتْ

تَهَجَّرْنَا فِي دُوَلٍ عَلَتْ

لَجَأْنَا لِقُلُوبٍ غُرِّبَتْ

عَطِشْنَا مِنْ أَرْضٍ انْهَرَتْ

تَعَرَّيْنَا مِنْ سَنَابِلَ حَمَلَتْ

شَحَذْنَا وَقُلُوبُنَا أَدْمَعَتْ

رَاحَتْ كَرَامَتُنَا وَتُرِكَتْ

مِنْ صِرَاعٍ عَلَى كَرَاسِي كُسِّرَتْ

مِنْ فَسَادٍ عَلَى مَنَاصِبَ نُصِّبَتْ

مِنْ بَيْعِ أَرَاضٍ عَلَنًا اغْتُصِبَتْ

آهٍ يَا وَطَنَ صَبْرِ أَيُّوبَ تَحَمَّلْتَ

………….

قَالُوا : هَلْ سَتُفْرَجُ ؟

قُلْتُ : نَعَمْ سَتُفْرَجُ مِنْ غَضَبٍ

تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ

مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ

سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ

نَعَمْ سَتُفْرَجُ

سَيَكُونُ الْجِدُّ وَيُنْهَى اللَّعِبُ

تَعُودُ الْكَرَامَةُ وَالْحُلْمُ لَا يُحْجَبُ

الطِّفْلُ يَقْرَأُ

يَحْمِلُ حَقِيبَتَهُ وَفِيهَا كُلُّ الْحُقُبِ

الْفَلَّاحُ فِي بُسْتَانِهِ

تَحْتَ ظِلِّ شَجَرَةٍ يَأْكُلُ خُبْزًا وَرُطَبً

نَعَمْ سَتُفْرَجُ

الْأَرْمَلَةُ تَحَمَّلَتِ الْكَثِيرَ وَلَمْ تَتْعَبْ

الثَّكْلَى صَبَرَتْ مِنْ فِرَاقٍ وَلَا عَجَبَ

الْيَتِيمَةُ فِي عَيْنَيْهَا نُورٌ لَمْ يُسْلَبْ

وَاللَّهِ سَتُفْرَجُ مِنْ غَضَبٍ

وَلَا يَمُوتُ شَعْبٌ يَحْمِلُ هُمُومَ الشَّعْبِ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى