وليد عبد الحي يكتب :الغام ترامب في غزة

تناقلت وكالات الانباء واغلب الفضائيات ما تم وصفه بخطة ترامب لمعالجة موضوع الحرب في قطاع غزة ، واود التوقف عند النقاط التي اجمعت اغلب الروايات عليها :
أولا: يجب ان لا تنسى المقاومة ان ترامب ” كذاب ولا يرى في الكذب عيبا بل يراه شكلا من اشكال الذكاء”، أي انه لا يرى عيبا في النكوص عن أي وعد، ويمكن ان يعيد تفسير اي تعهد بشكل لاعلاقة له بالمعنى الآني، ويمكن ان يفتعل اية حادثة ليبرر من خلالها اي سلوك غير منطقي او مفاجئ يلجأ له، فالاعلام والخبراء في الولايات المتحدة مجمعون على وصفه بانه رجل ” لا يمكن التنبؤ بسلوكه”(Unpredictable).
ان ما قرأته وتتبعته -وهو كم كبير- عن شخصية هذا الرئيس من كتابات كبار مستشاريه ومن اقاربه ومن تحليلات علماء النفس الامريكيين والمتخصصين،ومن تعليقات الاعلام الامريكي، تجعلني اقول بكل طمأنينة ” هذا زعيم الكذابين جميعا”، لذا لا بد من الحذر الشديد جدا جدا في التعامل معه او مع خططه.
ثانيا : بناء على ما سبق ، فان الخطة المعلنة من الكذاب، تتضمن الغاما دفنها هذا الكذاب في خطته ،ويكفي التنبه الى ان اهم شيء يسعى اليه ترامب وبشكل عاجل هو “الافراج عن الرهائن”، وفي حالة تحقق ذلك ، فانه سيحول هذا الحدث الى مهرجان ضخم ، وقد يستضيف بعضهم، فنرجسيته المرضية ستجعله لا يفوت فرصة كهذه ، لذلك على المقاومة ان تكون واضحة في هذا الموضوع، وعليها ان تستغل لهفته على تحقيق الانجازات :
أ- ربط نسبة المفرج عنهم من الرهائن بمساحة المناطق التي تنسحب منها القوات الاسرائيلية، فإذا كان العدد التقريبي للرهائن(امواتا واحياء) حوالي 48(او ما يقرب من ذلك)، فان ذلك يعني ربط مساحات الانسحاب بعدد المفرج عنهم، وتحديد واضح لعدد الاسرى الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم بالمقابل.(نسبة الذين يفرج عنهم تتساوى مع نسبة المساحة التي ينسحب منها وبشكل تام الجيش الاسرائيلي)
ب- ان تكون خطة المقاومة هي تنفيذ ما عليها من شروط-اطلاق الرهائن مثلا – بعد التنفيذ الاسرائيلي لا قبله ، او بالتزامن ، اي بعد تنفيذ الانسحاب الجزئي يتم اطلاق العدد المقرر من الرهائن، ويكون البرنامج على اساس آخر رهينة مع آخر كيلومتر تنسحب منه اسرائيل، اما الافراج التام مقابل وعود بالانسحاب التدريجي ،فهذا سيعيدنا الى لعبة اوسلو الغبية.
ت- تأخير الاحياء من العسكريين من ذوي الرتب الاعلى الى آخر مرحلة من التفاوض.
ثالثا: التعامل مع اسرائيل لا كما فعل اغبياء اوسلو، بل التدقيق في كل حرف وكلمة في نص الاتفاق ،وترجمة المفردات ومناقشة معانيها ومواعيد الالتزام بها،واستشارة رجال القانون ومن لهم خبرة التفاوض مع الاسرائيليين.
رابعا: بمجرد ان يتم الاتفاق على كل النقاط ، على المقاومة ان لا تبدأ التنفيذ الا بعد يوم واحد من بدء دخول المساعدات ، وعلى المقاومة تحديد عدد الشاحنات، وكمية الحمولة، ونوعية المساعدات، وتحديد مصادرها، والتأكد من ضمان اماكن توزيعها.
خامسا: ان تعلن اسرائيل وقف الطلعات الجوية(طائرات الاستطلاع من المسيرات او غيرها) وقفا تاما طيلة فترات دخول المساعدات وتوزيعها، ويمكن وضع برنامج واضح لذلك ليلا ونهارا. وهذا يستوجب الاصرار على:
أ- عدم تحديد فترة وقف اطلاق النار بشهر او شهرين، لان ذلك سيعود بنا الى ما يجري الآن.
ب- ان يكون النص”وقف دائم لاطلاق النار” وارسال قوة دولية من الامم المتحدة لمراقبة خروقات الوقف.
سادسا: ان لا تسلم المقاومة بسرعة لفكرة انسحابها من السلطة، ولا بد من مناكفة موضوع السلطة ” المتنوعة عربيا ودوليا وفلسطينيا”، ويجب ان تفاوض المقاومة في هذه النقطة طويلا وبكل الشكوك التي تفرزها التجربة التاريخية، فمن المؤكد ان التكنوقراط الذي يتحدثون عنهم لن يكونوا الا ممثلين لقوى التطبيع العربي، لذا على المقاومة ان تصر على ان يتم انتخابات بعد الانسحاب الاسرائيلي بشهر او شهرين، وان تتعهد بانها لن ترشح احدا من قادتها، لكن من الضروري العمل على دفع قيادات فلسطينية معروفة بنزاهتها ووطنيتها للترشح.
سابعا: إذا صح ان توني بلير سيكون هو “بريمير ” فلسطين ، فعلى المقاومة ان “تحاول ” المماطلة في ذلك ،ووضع شروط ذكية في حالة الاذعان لوجود بلير “كمفوض سامي”.
ثامنا: ان ينص الاتفاق على ان تطبيق الخطة لقطاع غزة هي جزء لا يتجزأ من مشروع بناء الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس ، وهو ما يفترض ان تطلب المقاومة في هذا الجانب:
أ- اعلان اسرائيلي واضح بوضع برنامج لتفكيك المستوطنات تدريجيا .
ب- السماح بتشغيل مطار غزة وميناء غزة باقصى سرعة ممكنة.
ت- ان تقتصر مراقبة معبر رفح على السلطات المصرية والسلطة الفلسطينية التي يتم تشكيلها ،مع مراقبين من الاتحاد الاوروبي والاتحاد الافريقي.
تاسعا: على المقاومة ان لا تصطدم بمصر او قطر، ولكن عليها ان لا تثق في اي تعهد من هذين الطرفين لأنهما اعجز من القدرة على تنفيذ اي تعهد ترفضه امريكا او اسرائيل.
اخيرا، اعلم تمام المعرفة ان الوضع الذي تعيشه المقاومة معقد وصعب للغاية ، ولكن يجب ان تكون النتيجة بعد كل هذه الضحايا والدمار هي الحد الادنى من الخسائر في المرحلة الاخيرة ، بخاصة أن الطرف الآخر ليس في نزهة ، ولديه لهفة للفكاك من أتون هذه المعركة، وإذا كان لدى بعض العرب بقية من “وعي” لا من الشرف، فان نيتنياهو اعلن عن الموقد الجديد في اسرائيله الكبرى ، ولم يبق عليه الا جمع الحطب…فماذا انتم فاعلون…ربما بحجم هملايا..