مختارات من القصة القصيرة جدا للدكتور حسين جداونه

يصدر كتاب “مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا” للدكتور حسين جداونه في كتاب إلكتروني، يضمّ أكثر من مئتي نص قصصي، تمثّل تجارب من مختلف دول العالم، وقد جاء في مئتين وثمانٍ وسبعين صفحة من القطع المتوسط. ويشتمل إلى جانب النصوص المختارة، على مقدّمة تأصيلية قدّم فيها معدّ المختارات تعريفًا موجزًا بفن “القصة القصيرة جدًا”، تناول فيها تحديد المفهوم، وتوضيح أبرز العناصر البنيوية التي يقوم عليها هذا الجنس السردي، بالإضافة إلى بيان المعايير الجمالية والفنية التي وضعت لاختيار النصوص، وكذلك الأهداف الرئيسة التي توخاها هذا العمل.
يقدم الكتاب إلى القارئ العربي نافذة يطل من خلالها على هذا الجنس الأدبي الحديث، وهو “القصة القصيرة جدا”، الذي يقوم على الاقتصاد اللغوي والتكثيف الدلالي، والإدهاش الفني والعمق الرمزي، بالإضافة إلى الحكائيّة، في مساحة سردية ضيقة، لكنها مشحونة بطاقة تعبيرية مكثفة.
ضم الكتاب بين دفتيه مجموعة من النصوص المختارة بعناية، مثّلت نماذج رفيعة من “القصة القصيرة جدًا” من مختلف دول العالم، عربيًا وعالميًا، فشمل تجارب وأصواتًا سردية متعددة، تفاوتت في الأسلوب والرؤية، لكنها تقاطعت جميعًا في الالتزام بروح هذا الفن ومقوماته الأساسية.
وفي سبيل إنجاز هذه المختارات، اعتمدت مجموعة من المعايير الفنية والجمالية في اختيار النصوص، منها: التقيّد بسمات “القصة القصيرة جدا” من حيث الحجم والتكثيف، والحرص على تنوّع الخلفيات الثقافية والجغرافية للنصوص، ومراعاة التوازن بين النصوص الكلاسيكية في هذا الحقل، وتلك التي تمثّل اتجاهات معاصرة وحديثة. كما بذلت عناية خاصة بذكر مصادر النصوص، والتعريف بأصحابها.
وتسعى هذه المختارات إلى تحقيق أهداف عدّة، منها: تعريف القارئ العربي بجماليات هذا الفن السردي الحديث، وتوسيع آفاق تلقيه، من خلال عرض نماذج عالمية متنوعة، فضلًا عن الإسهام في تأصيل مفهوم “القصة القصيرة جدا” وترسيخ خصائصها الفنية، ضمن سياقاتها الفنية والأدبية. وتأكيد عالمية هذا الفن عبر عرضه كجنس أدبي مستقل قادر على التعبير عن رؤى وتجارب إنسانية متباينة، وإظهار قدرة “القصة القصيرة جدا” على التقاط اللحظة الإنسانية، وتحويلها إلى نص أدبي مكثّف.
لا تدّعي هذه المختارات الإحاطة بكل ما كتب في هذا الجنس السردي حول العالم، لكنها سعت إلى أن تكون مدخلًا نوعيًا وجماليًا لقراءة هذا الفن، وتذوّق ملامحه الأسلوبية والإنسانية المتعددة، في زمن باتت فيه السرعة والتركيز والدهشة من أبرز سمات التعبير المعاصر.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المختارات تظلّ خاضعة، في نهاية المطاف، لذائقة مُعدّها، ولرؤيته النقدية والإبداعية. ومن هذا المنطلق، فهي لا تدّعي أنها تقدم حكمًا قاطعًا أو معيارًا نهائيًا لتقييم جودة النصوص أو تفوّقها، بل تُعبّر عن وجهة نظر فردية في تمثيل تنوّع التجربة الإنسانية والجمالية في فن “القصة القصيرة جدا”، وفق معايير رآها المعدّ منسجمة مع خصوصيات هذا الجنس الأدبي. فالمختارات بهذا المعنى، دعوة مفتوحة للتأمل، والمساءلة، والنقاش النقدي البنّاء، لا تقريرًا نهائيًا أو حكمًا مُلزِمًا.