أطياف النسغ ….بقلم: مها السحمراني

في حضرة الغيم جلست أقرأني
صفحةً كانت تشعُّ دفئاً وصباحا
ذاك الزمان الذي مضى لم يكن وهماً
كنتُ أتنفّس فيه كما تتنفّس الأزهار عطراً
كانت الحياة تكتبني بشغف
وكان الليل حين يهبط
ينام على كتفي دون ألم
وكان صوتي يمتدّ بين الوجع والحنين
لكن الفراق جاء
كشطبةِ حبرٍ على نصٍّ مكتمل
ومذ ذاك اليوم
والجسدُ يمشي بلا ظلّ
والعيونُ تسرقها الغفوةُ من شدّة الإعياء
كلُّ خليّةٍ صارت تبكي
لم يعد رأسي كما كان
ولا يدي تعرف دفءَ السلام
صارت الحياةُ حكايةً
نصفُها صمت
ونصفُها عتابٌ لا يُقال
هل كنتُ أنا
حين كنتُ أركض خلف الأحلام
أدندنُ للندى
وأقنعُ القمرَ أن يبقى أكثر؟
الآن
أغنّي للدواء
أحفظُ مواعيدَ الأطباء
وأعدُّ أنفاسي
كلّما سكن الليل
هكذا مرضتُ
بعد أن غادرتَ
وكأنك أخذتَ معك النسغ
وتركتَ لي الشجرةَ اليابسة
أحنُّ لها ولا ظلَّ لها
لكنني
أبقيتُ صورةً قديمةً لي
بجانبِ سريري
فيها أبتسمُ وأعيدُ الذاكرة
عندما كنتُ صحيحةَ البنية
لا مرضَ يزورني
ولا غيابَ يسكنُ الملامح
وكلّما نظرتُ إليها
أسمعُ خفقةً بعيدةً تشبهني
كأنني ما زلتُ هناك
أتنفّسُ بين سطرين لم يُكتبا بعد