محمد عبدالقدوس يكتب :ظرف مغلق حدد مستقبل مصر

أنه أحد قادة القوات الجوية البارزين في حرب أكتوبر ..
إسمه اللواء “نبيل شكري” كان في حرب التحرير مسئولا عن لواء طائرات مقاتلة ويضم عادة ثلاث أسراب ، وكل سرب به عشرون طائرة ، يعني حضرته كان مسئولا عن ستين طائرة “ميج” بأنواعها المختلفة ..
رحمه الله توفي منذ سنوات قليلة ومن حسن حظي أنني ألتقيت به قبل وفاته.
واللواء “نبيل شكري” ذكرياته كثيرة جداً منذ أن تخرج من كلية الطيران في ١٥ سبتمبر عام ١٩٥٦ ، أي منذ ٦٩ سنة ، وتخصص في “المقاتلات” منذ سنة ١٩٥٧ وطار على جميع انواعها ولها مهمتان تحديداً .. حماية المجال الجوي المصري من أي إعتداء وتوفير الحماية لباقي أسلحة الجو.
وعندما سألته عن اليوم الذي لا ينساه في حياته قال أنه يوم الجمعة ٥ أكتوبر عام ١٩٧٣ ، رأيته أطول يوم في تاريخي .. عشت على أعصابي ولم أنم ، فقد مرت بي أصعب اللحظات في حياتي كلها.
ويشرح ما أعنيه قائلاً: بعد صلاة الجمعة جاءني في مركز قيادتي رئيس شعبة العمليات اللواء “صلاح المناوي” وسلمني بدون كلام مظروف مغلق مكتوب عليه سري جداً ، وعندما فتحته وجدت عليه تاريخ بدء الحرب في اليوم التالي السبت السادس من أكتوبر الساعة الثانية ظهراً ، و”طب قلبي” مستقبل مصر كله تحديداً في هذا الظرف ، ولم يعلم به سوى أثنين غيري في التشكيل قمت بإبلاغهما وهما مقدم طيار “مصطفى أمين عبدالله” قائد ثاني اللواء ، والمرحوم “سمير المسيري” رئيس الأركان.
ويضيف قائلاً: وفي اليوم التالي قمت بالإبلاغ عن موعد الحرب قبيل بدء المعركة بفترة مناسبة ، وانطلقت صيحات “الله أكبر” وهذا التكبير هو ذاته الذي رافق الجيش أثناء عبور القناة.
ويقول اللواء “نبيل شكري”: وفي تمام الساعة الثانية كانت هناك ٢٢٠ طائرة مصرية في الجو .. تقوم بمهام محددة وبتوقيت محدد ضد أهداف العدو الصهيوني وحققت الضربة الجوية بنتائج مبهرة وصلت إلى ٩٥٪ من أهدافها لدرجة أن القيادة اكتفت بها رغم أنه كان من المفترض أن تكون هناك ضربة جوية ثانية ، ولم تفقد سوى ست طائرات فقط منها طائرة من طراز “سوخوي” كان يقودها النقيب “عاطف السادات” شقيق الرئيس الراحل “أنور السادات” مع أن الخبراء الروس توقعوا أن تكون خسائرنا ما بين ستين إلى ثمانين طائرة.
والجدير بالذكر أن هذا البطل شارك في جميع حروب مصر ابتداء من سنة ١٩٥٦ ، وهو من القلائل جداً الذين نجحوا في إسقاط طائرة للعدو الصهيوني أثناء كارثة ١٩٦٧ ، وبعد حرب أكتوبر تمت ترقيته وذهب ملحق عسكري بالسفارة المصرية في الصين وكوريا الشمالية ، ثم عاد ليستفاد من خبرته وأصبح رئيس فرع تدريب المقاتلات ، وكان آخر منصب شغله قبل خروجه على المعاش عام ١٩٩١ وهو مساعد قائد القوات الجوية وعلى يديه تخرج المئات من الطيارين.
وغداً بإذن الله أذكر لكم بطولات خالدة لنسور الجو يرويها شاهد عيان من أبطالنا.