د.محمود يونس يكتب عن : الصداع الهرموني:

يُعدّ الصداع الهرموني من أكثر أنواع الصداع شيوعًا لدى النساء، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتقلّبات الهرمونية التي تمرّ بها المرأة خلال مراحل حياتها المختلفة، مثل الدورة الشهرية، الحمل، الرضاعة، انقطاع الطمث، أو حتى استخدام وسائل منع الحمل الهرمونية. وغالبًا ما يظهر هذا النوع من الصداع في صورة صداع نصفي (شقيقة) أو صداع توتري، ويُصنّف ضمن الصداع الأولي المرتبط بالهرمونات.
أسباب الصداع الهرموني
السبب الرئيسي للصداع الهرموني هو التغيرات المفاجئة في مستويات هرمونَي الاستروجين و البروجسترون، وهما الهرمونان المسؤولان عن تنظيم الدورة الشهرية والحمل. ومن أبرز العوامل التي تؤدي إلى هذه التقلّبات:
1. الدورة الشهرية:
تنخفض مستويات الاستروجين بشكل ملحوظ قبل بدء الدورة الشهرية، مما يُحفّز ظهور الصداع لدى كثير من النساء، ويُعرف في هذه الحالة بـ”الصداع المرتبط بالحيض”.
2.الحمل:
خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، قد تعاني بعض النساء من نوبات صداع متكررة بسبب الارتفاع السريع في مستويات الهرمونات. ومع تقدّم الحمل، غالبًا ما يتحسّن الصداع.
3. انقطاع الطمث:
التقلّبات الهرمونية خلال مرحلة ما قبل انقطاع الطمث (سن اليأس) قد تؤدي إلى تكرار نوبات الصداع.
4. حبوب منع الحمل:
بعض أنواع حبوب منع الحمل تحتوي على هرمونات قد تُحفّز الصداع لدى بعض النساء، خاصةً في الأسبوع الذي تتوقف فيه عن تناول الحبوب (أسبوع الدورة الوهمية).
5. العلاج الهرموني البديل:
يُستخدم أحيانًا لعلاج أعراض انقطاع الطمث، وقد يؤدي إلى تفاقم الصداع في بعض الحالات.
أعراض الصداع الهرموني
تشبه أعراض الصداع الهرموني أعراض الصداع النصفي الكلاسيكي، وتشمل:
– ألم نابض في جانب واحد من الرأس (أو كلا الجانبين أحيانًا).
– الغثيان أو القيء.
– الحساسية للضوء أو الصوت.
– تفاقم الألم مع النشاط البدني.
– قد يسبق النوبة “مقدمه” (Aura) في بعض الحالات، مثل رؤية بقع ضوئية أو وخز في الأطراف.
ويتميز الصداع الهرموني بأنه:
– يحدث بشكل متكرر في نفس المرحلة من الدورة الشهرية (عادةً قبل أو أثناء الدورة).
– يكون أكثر شدة وأطول مدة من الصداع العادي.
– قد لا يستجيب بسهولة للمسكنات العادية.
التشخيص
لا يوجد اختبار مخبري محدد لتشخيص الصداع الهرموني، لكن الطبيب يعتمد على:
– التاريخ الطبي: تسجيل توقيت نوبات الصداع مقارنة بموعد الدورة الشهرية.
– المفكرة الشهرية: يُنصح بتدوين مواعيد الصداع وأعراضه وعلاقته بالدورة.
– استبعاد أسباب أخرى: مثل ارتفاع ضغط الدم، مشاكل العين، أو اضطرابات عصبية أخرى.
العلاج والوقاية
يعتمد علاج الصداع الهرموني على شدّة الأعراض وتكرارها، ويشمل:
1. العلاج الوقائي:
– تعديل وسائل منع الحمل: تغيير نوع الحبوب أو استخدام حبوب تحتوي على جرعة ثابتة من الهرمونات طوال الشهر.
– العلاج الهرموني: في بعض الحالات، يُوصف الاستروجين عبر لاصقات جلدية أو جيل موضعي لمنع الانخفاض المفاجئ في مستواه.
– أدوية وقائية: مثل حاصرات بيتا، مضادات الاكتئاب، أو الأدوية المضادة للصرع في الحالات الشديدة.
2. العلاج التخفيفي (خلال النوبة):
– مسكنات الألم: مثل الإيبوبروفين أو الباراسيتامول.
– أدوية الصداع النصفي: مثل التريبتانات (Sumatriptan، Rizatriptan).
– الراحة في غرفة مظلمة وهادئة**.
3. تغيير نمط الحياة:
– الحفاظ على نوم منتظم.
– تجنّب الجوع أو تخطي الوجبات.
– ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
– إدارة التوتر عبر تقنيات الاسترخاء أو اليوغا.
متى يجب زيارة الطبيب؟
يجب استشارة الطبيب في الحالات التالية:
– إذا كان الصداع شديدًا جدًّا أو يزداد سوءًا.
– إذا ظهرت أعراض عصبية جديدة (كضعف في الأطراف أو اضطراب في الرؤية).
– إذا لم تعد الأدوية فعّالة.
– إذا بدأ الصداع فجأة بعد سن الأربعين.