احمد السيد سلطح يكتب :صقور الظل: حين رفرفت أجنحة السلام من القاهرة إلى غزة”

في لحظةٍ كانت فيها السماء تمطر نارًا، والأرض تئن تحت وطأة الحصار، خرج من صمت الدولة صوتٌ لا يُرى، لكنه يُسمع في كل ركنٍ من أركان الشرق الأوسط. لم يكن صوتًا إعلاميًا ولا خطابًا سياسيًا، بل كان همسًا حاسمًا من خلف الستار، تقوده أعينٌ لا تنام، وعقولٌ لا تهادن. رجال المخابرات المصرية، وعلى رأسهم اللواء حسن رشاد، لم يفاوضوا بالكلمات فقط، بل فاوضوا بالثقة، بالهيبة، وبالقدرة على جعل المستحيل ممكناً.
– القاهرة: حيث تُصاغ المعادلات من دمٍ وحكمة
من قلب القاهرة، حيث تتقاطع الذاكرة مع الجغرافيا، انطلقت الوساطة المصرية كجسرٍ بين الغضب والرجاء. لم تكن مجرد وساطة، بل كانت هندسة دقيقة للسلام، قادها اللواء حسن رشاد بصلابة القائد وحنكة الحكيم. جلس على طاولة المفاوضات لا ليُرضي طرفًا، بل ليُعيد للمنطقة توازنها، ولغزة أنفاسها، وللأمل نافذته.
– لواءٌ لا يُرى، لكنه يُرشد
اللواء رشاد لم يظهر في المؤتمرات الصحفية، ولم يتصدر العناوين، لكنه كان هناك، في كل بندٍ من بنود الاتفاق، في كل لحظة صمتٍ سبقت توقيعًا، وفي كل نظرةٍ تبادلتها الأطراف المتنازعة. كان هو البوصلة حين تاهت الاتجاهات، وكان هو الصقر حين تعثرت الرؤية.
– اتفاق شرم الشيخ: حين انتصر الصمت على الضجيج
اتفاق وقف إطلاق النار الذي وُقّع في شرم الشيخ لم يكن ثمرة ضغوط دولية فقط، بل كان ثمرة إرادة مصرية خالصة، صيغت في مكاتب المخابرات، ونُقحت في لقاءات سرية، ووقّعت على أوراقٍ تحمل بصمة من لا يطلب المجد، بل يصنعه. تبادل الأسرى، إدخال المساعدات، ووقف الحرب، كلها كانت نتائج لرجالٍ لا يكتبون التاريخ، بل ينسجونه بخيوطٍ من صبرٍ ودهاء.
– مصر لا تتوسط، بل تحمي
في زمنٍ تتبدل فيه الولاءات، وتُشترى فيه المواقف، بقيت مصر على عهدها: لا تبيع القضية، ولا تساوم على الدم، ولا تتخلى عن دورها كحاضنة للسلام. رجال مخابراتها لا يفاوضون من أجل صورة، بل من أجل وطنٍ أكبر من الحدود، وأعمق من السياسة.







