رؤي ومقالات

جمال محمد غيطاس يكتب :من إيران إلى غزة: ليست حرب الهزيمة والنصر … وإنما صراع الخسائر والفشل

لو عدت بالذاكرة إلى مشهد إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران والكيان، وقارنته بمشهد وقف إطلاق النار بين المقاومة والكيان، والمقرر التوقيع عليه رسميًا بعد ساعات، ستجد الأمور في الحالتين لم تنتهِ بهزيمة خالصة لطرف ونصر خالص للطرف الآخر، بل انتهت بفشل واضح للكيان وخسائر مرعبة قاسية لإيران وللمقاومة وغزة.
في المشهد الأول خرجت إيران متألمة ولم تستطع حماية منشآتها ومواردها سواء النووية أو غير النووية كما يجب، ولا تزال أمامها جولات جديدة من المواجهة الصعبة الشاقة، لكنها خرجت من الحلبة وقاعدتها العلمية باقية وقادرة على إعادة بناء ما تهدم من المفاعلات، لأن الكتلة البشرية المالكة للكتلة الحرجة من المعرفة اللازمة لإعادة بناء وتشغيل البرنامج النووي والمكونة من آلاف الباحثين والعلماء والفنيين والخبراء لا تزال باقية.
وخرج الكيان الغاصب من دون تحقيق أهدافه المعلنة وهي إزالة البرنامج النووي وإسقاط النظام أو حتى كسر شوكته وإذلاله، أي خرج من المواجهة فاشلاً استراتيجيًا، دون الوقوع في هزيمة حاسمة أو الفوز بنصر حاسم.
بعبارة أخرى انتهت المواجهة بخسائر مؤلمة لإيران دون هزيمة وفشل للكيان حال دون النصر.
وفي المشهد الحالي، خرجت غزة من الحلبة ذبيحة منهكة جائعة، تعاني الأمرين وهي تنفض عن وجهها جبالًا من الركام والدم والألم، لكن دون هزيمة، ومحتفظة بروحها وعقلها وكرامتها وعزتها، وبالأمل في مواصلة النضال ولو بوسائل أخرى.
وخرج الكيان الغاصب دون تحقيق أهدافه الكبرى التي كررها آلاف المرات خلال سنتين من الحرب، فلا استطاع إنقاذ أسراه عنوة، ولا استطاع إزالة حماس وتفكيكها بالقوة، ولا استطاع تنفيذ خطط التهجير، وانتهى به المطاف كيانًا منبوذًا من العالم بأسره، يحاول الخروج عبر المفاوضات بما لم يستطع الحصول عليه بالقتال، أي خرج دون نصر.
بعبارة أخرى تحملت غزة ألمًا لا يوصف وتكبدت خسائر تفوق التخيل، ولم تنهزم استراتيجيًا، وفي المقابل صال الكيان وجال ودمر وحرق وقتل ثم فشل في أن يخرج منتصرًا.
الخلاصة إنه الحال نفسه مع إيران يتكرر
والدرس الأكبر في الحالتين هو: حينما يكون لديك قضية عادلة، وإرادة لا تلين، وإيمان صادق، وعزم لا يتضعضع، ونفس أبيَّة، وهمة عالية، فبإمكانك أن تخرج من القتال واقفًا مجروحًا غير مهزوم، بينما عدوك الذي آلمك محروم من النصر الذي يدعيه.
سأظل أقول دائمًا: تحيا المقاومة والشهداء والجرحى والثكالى والمحرومين والمشردين …. فهم يقينًا أيقونة المشهد بأكمله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى