د.فيروزالولي تكتب:كيف تهدي الحوثي وردة من كراهية؟!

في إحدى زوايا الإنترنت المظلمة، حيث تجتمع الثقة الزائدة بالجهل، تجد منشورات تفيض حمية وطنية… ممزوجة بكمية لا بأس بها من الغباء المركب. منشورات تبدأ بـ”احنا أبناء الوعي” وتنتهي بـ”كل زيودي خائن”… وكأن الخيانة جينات جغرافية أو عقيدة جينية.
نحن في زمن المعجزات السياسية، حيث المعارض للمليشيا يشتم أبناء منطقتها، ويخوض حربًا على الحوثي بخطاب يخدم الحوثي أكثر مما يخدم الحوثي نفسه.
يا جماعة الخير، إذا كان الحوثي يريد أن يُقنع الزيدية في الشمال بأنه حاميهم، فإن منشوراتكم تقوم بالمهمة عنه… و”فوق البيعة”، تهدونه شرعية وطنية هو عاجز عن صناعتها!
العبقرية في أقصى تجلياتها:
ما الذي يدفع شخصًا يدّعي الوعي إلى سبّ محافظة بكاملها أو مذهب بكامله؟ هل هو نقص حاد في الفهم، أم فائض في الأوهام؟
هل هناك شخص عاقل يظن أن بإمكانه “تحرير اليمن” من الحوثي عبر استفزاز نصف اليمن؟
إذا كانت هذه هي الخطة، فبشركم الله… الحوثي باقٍ، ومعه هاشتاغ #شكراً_أعدائي_الحمقى.
تجارب سياسية مجانية للحوثي:
ما يحدث الآن هو أن البعض يمنح الحوثي – بالمجان – كل ما يحتاجه لصياغة رواية “نحن مضطهدون” و”الكل يكرهنا لأننا من صعدة” و”انظروا ماذا يقولون عن الزيدية!”.
وما أسهل تسويق المظلومية حين يكون خصمك… غبيًا ومناطقيًا ومذهبيًا، ويقدّم خدمات إعلامية مجانية دون مقابل.
فاصل إنساني:
للتذكير فقط – لأن البعض يبدو أنه نسي أو تناسى –
من يقاتل الحوثي في أطراف صعدة والبيضاء وحجة هم من أبناء تلك المناطق نفسها، زيودًا وشوافع، سنّة وشيعة، فلاحين وبدو، وحتى شباب TikTok.
بينما الذين يجلسون خلف الكيبورد، يسبّون صعدة، ويلعنون عمران، ويتساءلون إن كان الزيدي يولد ومعه بندق في الحفّاظة.
دعوة لغسل العقول قبل الأيدي:
يا جماعة، الحوثي نفسه في خطاباته – ورغم كل عنصريته الضمنية – لا يشتم أبناء منطقة، ولا يذم مذهبًا علنًا، لأنه يطمح أن يُقدّم نفسه كقائد “لليمن الكبير”.
فكيف أنتم، معارضوه، تتصرفون كصغار مشاريع تتوسل جمهورًا على حساب وحدة وطن؟
إذا أردتم أن تكونوا فعلاً خصومًا ناجحين للحوثي، خذوا منه درسًا في “فن إخفاء الكراهية”، لا في عرضها في واجهات منشورات فايسبوكية بتوقيع: “ابن الوطن الحر”.
خاتمة بحجم اليمن:
الخطاب الوطني مش إعلان كرتون في قناة أطفال. لا يكفي أن تضع “نحن وعي”، وتكتب بعدها “كل أبناء شمال الشمال عملاء”.
الوعي الحقيقي لا يُقاس بعدد اللايكات، بل بقدرتك على فهم أن الكرامة الوطنية لا تفرّق بين مواطن وآخر بسبب مذهبه أو محافظته.
فإن لم تكن بهذا القدر من الوعي، فتكرمًا…
لا تحرروا اليمن، فقط اصمتوا، فصمتكم مقاومة.