إبراهيم نوار يكتب :هكذا مولت الولايات المتحدة نصف تكلفة حرب الإبادة ضد الفلسطينيين

أثبت دونالد ترامب أنه الشخص الوحيد في العالم، إذا استثنينا سارة نتنياهو، الذي يستطيع الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي. ترامب قال لمراسل «أكسيوس» في واشنطن يوم الجمعة الماضي إن نتنياهو «لم يكن أمامه إلا أن يوافقه» عندما ناقشا الموقف من حماس وضرورة وقف الحرب. كذلك برهنت خطة ترامب من جديد على صحة مقولة الرئيس الراحل أنور السادات: «الولايات المتحدة تملك 99 في المئة من أوراق اللعبة السياسية في الشرق الأوسط»، وذلك على الرغم من تيارات المد والجذر التي شهدتها السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط خلال النصف قرن الأخير. ويبدو أن فضل الولايات المتحدة على إسرائيل هو كلمة السر وراء هذه المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط. ولا شك أن هناك الكثير من العوامل والمقومات التي تغذي كلا من العلاقات الإسرائيلية – الأمريكية ومركزية الدور الأمريكي في صراعات الشرق الأوسط. أحد هذه المقومات يتمثل في العلاقات العسكرية العضوية بين الصانع والصنيعة (رغم محاولات خروجها عن السيطرة)! وربما كان حديث نتنياهو عن «ضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتي» ينم عن رغبة قوية في تحرير صناعة السلاح الإسرائيلية من سطوة الصناعة العسكرية الأمريكية، وفي هذه الرغبة ما يجب أن يسبب قلقا للدول العربية الرئيسية في المنطقة.
وقد لعبت الولايات المتحدة دورا حاسما في تشجيع إسرائيل على الاستمرار في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، لا تختلف في ذلك إدارة الديمقراطيين تحت حكم بايدن أو الجمهوريين تحت حكم ترامب. وكان لهذا الدور ثلاثة أوجه، الوجه العسكري، والوجه المالي، والوجه الدبلوماسي. واستحقت إدارة ترامب على وجه التحديد أن يعتبرها رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أفضل إدارة متعاونة مع إسرائيل في تاريخ الولايات المتحدة، فقد وقفت بكل قوتها الموروثة من الحرب العالمية الثانية في ظهر إسرائيل، بل وتقدمت أمامها على طريق حرب الإبادة باقتراح تهجير الشعب الفلسطيني من غزة إلى مناف أخرى حول العالم. ومع أن خطة ترامب الحالية تتضمن وقف الحرب والتهجير القسري من دون التطرق إلى المعايير والشروط التي تضمن تحقيق ذلك، فإن دور الولايات المتحدة في إمداد إسرائيل بالأسلحة والمعلومات والتنظيم لقتل الفلسطينيين وتجويعهم وتهجيرهم سيظل محفورا بحروف سوداء عبر التاريخ إلى الأبد. خطة ترامب تحرم الفلسطينيين عمليا من حق إقامة دولتهم المستقلة، لكن هذه الخطة لن تنجح بالضرورة في تحقيق ذلك الهدف ما بقيت المقاومة، واستمرت إرادة الصمود من أجل الحق في وطن مستقل يتمتع بالكرامة والسيادة وحرية الإرادة. ويكفي أن نقرر هنا أن الولايات المتحدة مولت إسرائيل بما يزيد عن نصف تكاليف حرب غزة، وحرمت الفلسطينيين من حقوقهم في الحصول على مساعدات دولية من خلال منظمات الأمم المتحدة عندما قررت الامتناع عن دفع مساهمتها في منظمات تقدم العون للشعب الفلسطيني في صموده التاريخي مثل الأونروا ومنظمة الصحة العالمية واليونسكو. وكانت حرب التجويع تجري عمليا بقيادة أمريكية غير رسمية من خلال مؤسسة إغاثة غزة التي يديرها أساسا مسؤولون خدموا من قبل في الجيش الأمريكي. كما كانت الولايات المتحدة تبذل جهدا مستميتا في محاولات إقناع دول حول العالم من أجل القبول بتوطين أعداد من الفلسطينيين المهجرين قسرا من أراضيهم. وفي هذا السياق فإن الكونغرس الأمريكي لعب دور المشرع الأمين في الدفاع عن مصالح إسرائيل من خلال لجانه المختلفة.