كتاب وشعراء

مرايا الغياب والحب.. بقلم: روعة محسن الدندن

مرايا الغياب والحب
بقلم روعة محسن الدندن

كان يقف على رصيف العمر، ينظر إلى الأفق البعيد، كأن الحنين يلوّح له من نافذة الزمان. قلبه مضطرب بين السؤال والانتظار: هل هي مودّعة، أم عائدة؟ كل خطوة في الطريق كانت تصدح بصدى خافت، كأنها تهمس له بأن الحب لا يرحل حقًا، لكنه أحيانًا يختبئ خلف الغياب.

تذكر كيف كان قلبه يرتجف عند مجرد اقترابها، وكيف أصبح كل لقاء معها مصافحة للروح نفسها، لقاءً يجعله يلتقي بذاته المفقودة. كان يحتضن ذكرياتها هامسًا: دونك أنا ضائع، دونك أنا غريب في حياتي.

كل لحظة فرح كانت تختلط فيها سعادة اللقاء بمرارة الانتظار الطويل. حتى العمر حين جاء باللقاء، لم يترك على شفتيه سوى ابتسامة متعبة، ممتلئة بالحب والوجع معًا. وكان الفرح يجيء مشوبًا بوشوشات الحنين، كأن للحب وجهين متعانقين، نور اللقاء ومرارة الغياب، وظل طيف محبوبه يحوم حوله، يزين أفقه ويملأ قلبه بصمت منتظر.

في وحدته، اكتشف أن الحب يحوّل الفراغ إلى وطن، وأن الصمت يصبح موسيقى، وأن الغربة تصبح رحلة يعيشها في عيون من يحب. كل صباح، ومع كل شمس تشرق، كان قلبه ينبض بأمل جديد، منتظرًا أن تعود اللحظة التي تجمعه بهم، وتعيد له دفء العالم الذي رحل مع غيابهم.

كان يعرف أن الحب الحقيقي لا يرحل أبدًا، بل يبقى ساكنًا بين الخوف والرجاء، بين الفقد واللقاء، ينسج من صمته وقلبه رواية لا تنتهي، رواية حية، جميلة، ومليئة بالحياة، حتى لو غاب المحبوب، وحتى لو مر العمر بلا نهاية مؤكدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى