لا نبل يكسرني…بقلم هادية السالمي

تلك القصيدة تلاعجني
ترتجّ في كأسي أهلّة تبعثرني
همّت بأضلعي ، و قد همى لها وجعي
أجنحة يعصرها الشجر
و غيمة ينسجها الغسق
و النار ترقص على جسدي
توقظني من غفوة الصبر و تغرقني
في لغط الماء ، و تذرفني
فوق تضاريس الظلام ، ثمّ تنبتني
في لجج الفوضى سعيرا ينفث الشجن
************
مطاحن الشوق سراديب سراب تترصّدني .
و ورق الصفصاف يغمرني
يغرس في حدائقي غراس خنجره .
أستقطر الغيمة ساعة و أنتظر
كالطير في الصريم يبتهل
ينهشه السعال و الوهن
لا الرمل يبعثه
و لا حوافر الخيول السمر تبهجه
******
تلك القصيدة تلاعجني
يغتالني المبهم ، حرفها الذي يهيم بالسفر
و فيه دمي يفيض غابات و أخيلة
و يتدفّق جراحات و ألسنة
وفيه يعرج ربيع هدهدي ثملا
و أتحسّس مدادي بين أضلعه
فأكتفي كلفا
ينبئني بأنّني نبضه و الصحف
و أنّني وجهه ، الوجه الذي يصف
و أنّني لونه ، اللون الذي به يعطّرني
يصلني نشيجه المرّ و ينتثر في جسدي
وجدا و بروقا و رعودا تتصفّحني
فينبت النور على شفتي
لأنّني الوطن
لا نبل يكسرني
و لا صفير اللغو يخرسني
أمّ القصيدة ، أنا ، و همسها العطر
أجنّة القصيدة ، واحاتي و أشرعتي
أرض البدايات ، أنا ، و سفر الأرج …