نتنياهو يتحجج بمرضه في المحكمة.. تقرير عبري يواجه مزاعم رئيس الوزراء الإسرائيلي ويكشف الحقيقة

زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الأربعاء، أنه أصيب بالتهاب في الشعب الهوائية (Bronchitis) “امتد إلى الحلق”، ولهذا السبب طلب تقصير شهادته أمام المحكمة.
ولكن، وفقا لصحيفة “معاريف”، الحديث هنا يدور حول عضوين مختلفين تماما ليس بينهما تسلسل مباشر، ولا عملية التهابية قد “تتنقل” من منطقة إلى أخرى كما زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي.
في التفاصيل، طلب نتنياهو صباح اليوم (الأربعاء) من المحكمة تقصير مدة شهادته المقررة في قضاياه المتعلقة بالفساد، بعد أن زعم أن حالته الصحية لا تسمح له بالبقاء وقتا طويلا في القاعة.
وقال رئيس الوزراء للقضاة: “طبيبي أخبرني أنني بحاجة إلى أخذ بضعة أيام راحة، لدي التهاب شعبي يرفض التلاشي”. وأضاف: “قلت له إنني لا أستطيع، فهناك فعاليات، فقال: ‘اعمل أقل، خذ بضع ساعات راحة’. كنت آمل ألا أحتاج إلى ذلك، لكن في النهاية يصعد إلى الحلق. أقترح تقليل الساعات اليوم، سأبقى ساعة أو ساعتين إضافيتين ولكن هذا هو الحد الأقصى الذي أستطيع تحمله”.
وحسب ما جاء في تقرير “معاريف”، فإن “الشعب الهوائية (Bronchi) هي الأنابيب الهوائية الكبيرة التي تتفرع من القصبة الهوائية إلى الرئتين، ومهمتها نقل الأكسجين إلى الداخل وثاني أكسيد الكربون إلى الخارج. في المقابل، الحلق، الذي يضم الحبال الصوتية، هو جزء من جهازي البلع والكلام، ويقع أعلى بكثير فوق القصبة الهوائية. يحدث التهاب البلعوم واللوزتين (Tonsillitis) أو التهاب الحبال الصوتية (Laryngitis) غالبا بسبب تهيج فيروسي أو بكتيري، لكن ليس لهما أي صلة بالتهاب الشعب الهوائية (Bronchitis)، وهو التهاب يصيب المجاري التنفسية السفلية.
وعلى الرغم من التشابه في الاسم والأعراض مثل السعال، والحكة، والشعور بالتهيج في حالة التهاب الحبال الصوتية، أو الحكة والألم في البلعوم، فإن مصدر المشكلة مختلف تماما.
وفي هذا الصدد، أوضح طبيب أمراض صدرية (رئة) كبير لـ”معاريف” قائلا: “لا يمكن لالتهاب الشعب الهوائية أن يصعد إلى الحلق أو أن يتحول إلى التهاب حنجرة (حلق). إنهما منطقتان مختلفتان تشريحياً وفسيولوجيا. تقع الشعب الهوائية في عمق الرئتين، بينما يقع الحلق في الجزء العلوي من الرقبة، بالقرب من تجويف الفم. لا يمكن التحدث عن عملية تنتقل من أحدهما إلى الآخر وكأنهما أنبوب متصل”.
والتهاب الشعب الهوائية (Bronchitis)، كما ذُكر، هو التهاب يصيب القصبات الهوائية (Bronchioles)، وهي الأنابيب التي يمر عبرها الهواء من وإلى الرئتين. عندما تكون ملتهبة، تتكاثف الجدران، ويتراكم المخاط، ويعاني المريض من سعال مستمر، بلغم، وأحيانا ضيق في التنفس. إنه مرض شائع جدا، خاصة في المواسم الانتقالية والشتاء، وينتج عادة عن فيروسات من عائلة الإنفلونزا أو فيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV) أو كورونا.
وفي شكله الحاد، يستمر التهاب الشعب الهوائية حوالي أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، ولكن السعال قد يستمر لفترة طويلة بعد ذلك. لدى المدخنين وكبار السن والمرضى المزمنين، قد تتفاقم الحالة وتتحول إلى التهاب شعبي مزمن، حسب التقرير.
في المقابل، يعتبر التهاب الحلق (التهاب اللوزتين/البلعوم) أخف بكثير. ويتجلى في الألم أثناء البلع والشعور بالتهيج. في بعض الحالات، قد يكون ناجماً عن بكتيريا المكورات العقدية (Streptococcus)، وعندئذ يتطلب الأمر علاجاً بمضادات الحيوية. ولكن حتى في هذه الحالة، لا يوجد أي صلة بالرئتين أو المجاري التنفسية السفلية. وحتى عندما يكون الالتهاب في الحبال الصوتية، وهي حالة تُسمى “التهاب الحنجرة” (Laryngitis)، فإن الظاهرة لا تؤدي إلى مجاري الرئة، ومجاري الرئة لا تُعدي الحبال الصوتية.
ويؤكد الأطباء أن الأمر لا يتعلق باختلاف في التسمية فقط، بل هو أمر فسيولوجي واضح، حيث أوضح خبير أمراض الرئة لصحيفة “معاريف”: “الحلق هو عضو صوت، والشعب الهوائية هي أعضاء تنفس”. “ليس هناك تسلسل التهابي ينتقل من أحدهما إلى الآخر. لكل منهما جهاز مناعي موضعي ووظائف مختلفة تماماً. القول بأن التهاب الشعب الهوائية صعد إلى الحلق، مثل القول بأن التهاب المثانة صعد إلى العين، ببساطة لا توجد صلة”.
من حيث الأعراض، يظهر التهاب الشعب الهوائية غالبا مع كثرة البلغم، والسعال القوي، وضيق التنفس، وأحياناً حمى خفيفة. في المقابل، يتجلى التهاب الحلق في البحة، والشعور بجسم غريب في الحلق، والألم عند البلع. يختلف العلاج تماماً؛ في حالة التهاب الشعب الهوائية، تكون التوصية بالراحة، وشرب الكثير من السوائل، واستخدام أجهزة الاستنشاق لتوسيع المجاري التنفسية عند الضرورة، بينما في حالة التهاب الحلق، يجب تجنب التحدث لفترات طويلة، والحفاظ على رطوبة الهواء، والاستعانة بالشاي الساخن أو أقراص المص.
باختصار، قد يبدو ادعاء “التهاب الشعب الهوائية الذي امتد إلى الحلق” تعبيراً بليغا، لكنه غير موجود من الناحية الطبية. الحديث يدور حول مرضين مختلفين، بأعضاء مختلفة، وأعراض مختلفة، وطرق علاج مختلفة. التهاب الشعب الهوائية لا يصعد إلى أي مكان، بل يبقى في الرئتين ويسبب الأعراض، لمن يعاني منه حقا.
المصدر: “معاريف”