كتاب وشعراء

الليل…..بقلم محمد راغب عبد الصبور

كلَّ يومٍ، يُطعمُنا الليلُ وجعَ الحنين،
فلا نعرفُ كيفَ نستريحُ،
ولا كيفَ نعودُ من رحلةِ الشتات.
أنا على النهر،
وأنتِ على الضفةِ الأخرى،
تنسلخين من مماتٍ إلى ممات،
أرقبُ طيورَ الموتِ من حولِك،
وبقايا رمادٍ متراكمٍ من نيرانٍ قديمةٍ
كانت تستبيحُ الذكريات.
قد كان صمتُكِ يصوغُ كذبًا عرفته،
وعرفتُ الألوانَ التي كنتِ تنقشينَ بها سرابَك،
وتغزلينَ ثوبًا ليومِ الحداد.
كنتُ أستحي أن أنثرَ حروفي على الجرح،
لكنَّه قلبُ شاعرٍ،
لن يمرَّ هكذا… كلُّ ما فات.
هذا خريفٌ، وهذا شتاء،
وقد تاهَ الربيعُ، فأعلنَ موعدَ الحداد.
يطولُ الليل،
فتجثو الأحلامُ باكيةً،
من يُزيلُ الصدأ؟
ومن يفتحُ للطيرِ كلَّ الأبواب؟
أمرُّ، فأراكِ على الطريقِ عاريةً،
فالبئرُ ماؤها بعيدٌ،
قد لوَّثتهُ يداك.
كنتِ الفارسَ،
لكنَّ الخيلَ جريحة،
وساحاتُ المعاركِ كلَّتْ من ازدحامِ الرفات.
أراني أبذرُ الحبَّ من حولِك،
وأراكِ تشعلينَ النارَ،
ليحترقَ الشراعُ ويغرقَ في عمقِ الأعماق.
وحينَ تجردَ القلبُ من كلِّ الأحلام،
تراءتْ أشواقٌ باهتةُ الأوصاف،
فترجَّلَ القلب،
ليسدلَ ستارَ النهاية،
ويمحو كلَّ الحروفِ من حولِك.
قد ماتتْ ليلي،
وأعلنَ السائرونَ موعدَ الفراق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى