بروتين غامض يحمل مفتاح حل لغز الخصوبة الذكرية

بينما تشهد معدلات العقم ارتفاعا ملحوظا حول العالم، تبرز الحاجة الملحة لفهم الآليات الجزيئية الدقيقة التي تنظم عملية تكوين الحيوانات المنوية.
وفي هذا الإطار، تقدم دراسة حديثة من جامعة برشلونة المستقلة رؤى جديدة حول دور بروتين RAD21L، أحد البروتينات الخاصة التي تنتمي لعائلة البروتينات المترابطة الخاصة بالخلايا الجنسية، في الحفاظ على الاستقرار الجيني خلال انقسام الخلايا.
تستخدم هذه الأبحاث، التي أجريت على نماذج حيوانية، تقنيات جينومية متطورة لتحليل كيفية تأثير هذا البروتين على البنية ثلاثية الأبعاد للجينوم والتعبير الجيني في الخلايا الجرثومية الذكرية.
ويأتي هذا العمل في وقت تشير فيه الدراسات إلى انخفاض تركيز الحيوانات المنوية عالميا بنسبة تتجاوز 50% خلال الأربعين عاما الماضية.
وكشفت الدراسة الحديثة عن أدوار حيوية غير مكتشفة سابقا للبروتين RAD21L في تحديد الخصوبة الذكورية، حيث بينت النتائج أن هذا البروتين لا يقتصر دوره على تسهيل ارتباط الكروموسومات كما كان معروفا، بل يمتد ليشمل تنظيم البنية ثلاثية الأبعاد للجينوم والتعبير الجيني في الخلايا الأمشاج الذكرية.
وأظهرت الدراسة أن غياب هذا البروتين في الفئران المعدلة وراثيا يؤدي إلى إعادة تنظيم جذرية لهندسة الكروماتين داخل النواة، مصحوبا باختلال عام في نشاط الجينات المسؤولة عن تكوين الحيوانات المنوية، ما يتسبب في تعطيل عملية تكوين الحيوانات المنوية بأكملها ويؤدي في النهاية إلى العقم.
وفي هذا الصدد، علقت الدكتورة أورورا رويز-هيريرا، الأستاذة بقسم بيولوجيا الخلية ورئيسة الفريق البحثي، قائلة: “يضيف هذا الاكتشاف بعدا جديدا بالغ الأهمية لفهمنا لكيفية تأثير البنية الجينومية على الخصوبة والتنوع الجيني والمسار التطوري للكائنات”.
وعلى الرغم من إجراء الدراسة على نماذج حيوانية، إلا أن الباحثين يؤكدون على أهمية هذه النتائج في السياق البشري، خاصة في ظل التشابه الكبير في عملية تكوين الحيوانات المنوية بين الثدييات. كما يأمل الفريق أن تمهد هذه النتائج الطريق لتطوير أساليب تشخيصية جديدة لحالات العقم الذكوري مجهولة السبب، التي تؤثر على ملايين الرجال حول العالم.
يذكر أن التقارير العالمية تشير إلى أن معدلات العقم تصل إلى 17.5% بين البالغين، كما تظهر البيانات تراجعا مقلقا في تركيز الحيوانات المنوية على مستوى العالم منذ عام 1973، ما يجعل من العقم الذكوري قضية صحية عامة متزايدة الأهمية تحتاج إلى مزيد من البحث العلمي العميق.
المصدر: ميديكال إكسبريس