مصطفي السعيد يكتب :تراجع الثقة في الدولار تقفز بأسعار الذهب

يرجع السبب الرئيسي لقفزات الذهب المتوالية إلى تراجع الثقة في العملة الأمريكية، التي ظلت محمية بالسمعة والثقة منذ أن قرر الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون فك الإرتباط بين الدولار والذهب، وعدم إلتزام البنوك الأمريكية بتقديم أوقية ذهب لكل من يحمل 35 دولارا. الآن تجاوز سعر أوقية الذهب 4290 دولارا للأوقية (31 جرام)، بارتفاع بلغ نحو 64% منذ بداية العام الحالي. وهي قفزات مذهلة، ناتجة عن تراجع الثقة في الدولار، ولجوء البنوك والأفراد إلى التخلي عن الدولار وشراء الذهب لمخزن مضمون للقيمة. وزادت الدول حجم الإحتياطي بالذهب في بنوكها المركزية، بينما تراجع شراء السندات الأمريكية، بل التخلي عنها، بما ينذهر بتنهيار رأسي للدولار بعد عقود طويلة من الثقة في قوة الإقتصاد الأمريكي، والإذعان لكونه العملة المرجعية عبر إلزام دول الخليح ببيع البترولار بالدولار، وكذلك ربط التجارة العالمية في منظومة سويفت بالدولار. وكان لإفراط الولايات المتحدة في طباعة الدولار دور كبير في تراجعه، حيث القاعدة الرئيسية لقيمة أي عملة في العالم مرتبطة بحجم ناتجها الإجمالي مقسومة على عدد أوراق العملة التي تطبعها. كما كان استخدام الدولار كسلاح سياسي واقتصادي في معاقبة الدول المتمردة على السياسات الأمريكية عامل رئيسي في سعي دول مثل الصين وروسيا في إيجاد وسيلة تداول بديلة، سواء عبر التجارة بالعملات المحلية بمرجعية سلة معادن وعملات، أو عن طريق المقايضة والتسويات، مما أدى إلى تراجع تداول الدولار. أما العامل الثالث فكان تراجع الصادرات الأمريكية، وبالتالي بدأ الدولار يفقد هيمنته تدريجيا، إلا أن الأعوام الأخيرة شهدت أكبر تراجعات لقيمة الدولار، زادت مع اندلاع الحرب التجارية التي يشنها ترامب.