كتاب وشعراء

قَلْبي مَهْبَطُ النَّدَى…بقلم البرهان حيدر

لَكَ فِي أَعْمَاقِي دَرْبٌ
مُعَطَّرٌ بِذِكْرَى الضَّلَالِ
كُلُّ خَطْوَةٍ قِصَّةُ عَطَشٍ
كُلُّ بِئْرٍ وَثِقْنَا بِقَعْرِهَا
كَانَ ظِلًّا لِنَهْرِكَ السَّارِي

نَحْنُ صُوَرُكَ المُتَعَدِّدَةُ
فِي مِرْآةِ الحَقِيقَةِ
نَحْنُ العَطْشَانُ وَالكَأْسُ وَالسَّاقِي

لَيْسَ الهَرَبُ مِنْ وَحْلِ المَاضِي حِلًّا
بَلِ اسْتِعْدَادٌ لِدُخُولِ النَّهْرِ
كُلُّ أَثَرٍ لِلْوَحْلِ عَلَى يَدَيَّ
يُذَكِّرُنِي بِحَاجَتِي إِلَى نَقَائِكَ

أَنَا حَقْلُكَ الَّذِي أَنْبَتَ كُلَّ زَهْرَةٍ وَشَوْكَةٍ
وَأَنْتَ تَجْنِي الثِّمَارَ وَالأَوْرَاقَ
حَتَّى الشَّوْكَةُ بَيْنَ يَدَيْكَ تَصِيرُ دَوَاءً

عِشْتُ سَجِينَ صُورَتِي
ظَنَنْتُ صَدَى أَصْوَاتِنَا حَقِيقَةً
وَظَنَنْتُ قَلْعَتِي مِنْ رَمَادٍ تَقِينِي
حَتَّى هَبَّتْ رِيحُ يَقَظَتِكَ
فَصَارَ الصَّدَى سُكُونًا
وَصَارَ الرَّمَادُ عَبَقًا

لَسْتُ أَخَافُ ثِقَلَ الذُّنُوبِ
بَلْ أَخَافُ أَنْ يَضِيقَ صَدْرِي عَنْ سَعَةِ عَفْوِكَ

لَيْسَ الجَمَالُ أَنْ تَصِيرَ مَلَاكًا
بَلْ أَنْ تَعُودَ إِلَى بَسَاطَةِ القَلْبِ الأَوَّلِ
أَنْ تَرَى وَجْهَ الحَقِّ فِي دُمُوعِ طِفْلٍ
أَوْ فِي تَجَاعِيدِ وَجْهٍ مُتعَبٍ

لَيْسَتِ العَوْدَةُ مَسَافَةً
بَلْ أَنْ تَسْكُنَ نَفْسُكَ فِي حَضْرَتِهِ
أَنْ تَسْكُنَ الأَشْيَاءُ
وَتَسْكُنَ أَنْتَ فِي حَرَكَتِهَا

تَدَاعَيْتُ يَا حُجُبًا
لَسْتُ سَوَاءَ كَلِمَةٍ
ضَائِعَةٍ فِي كِتَابِ الوُجُودِ
أَنْتَ بَدَأْتَ سَطْرَهَا
وَأَنْتَ تَخْتِمُهَا بِنُورٍ

هَذَا قَلْبِي
لَيْسَ وَطَنًا لِلأَوْهَامِ
وَلَا مُسْتَقَرًّا لِلأَلْقَابِ
إِنَّمَا هُوَ قَدَحٌ مُكَسَّرٌ
يَشْتَاقُ أَنْ يَمْتَلِئَ بِضِيَائِكَ

لَا تَهَبْنِي بُحُورَ شَرْحٍ
إِنَّمَا أَفِضْ عَلَيَّ نَارَ قُرْبِكَ
حَتَّى أَذُوبَ
وَأَصِيرَ نَسِيمًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى