العربي ازعبل في قراءة تحليلية لقصيدة ( ليلى ) للشاعر خالد الساسي

قراءة تحليلية لقصيدة الشاعر خالد الساسي
العنوان : ## ليلى ##
( الأسلوبية في القصيدة الحديثة : هل هي امتياز إبداعي ام نقمة عن الشاعر ؟ نموذج : الاسلوبية في شعر الشاعر خالد الساسي).
قراءة وتحليل : ذ/ العربي إزعبل .
كمدخل لقصيدة الشاعر الهرم ، الأستاذ الشاعر خالد الساسي التونسي تحت عنوان : # ليلى # وجب التنويه على أن لشاعرنا عدة قصائد كلها موزونة بميزان الذهب/ حيث يعتبر من شعراء المحافظين على الشكل الفني للقصيدة العمودية ،،في تجديد كبير في المضمون والموضوع .. ولشاعرنا أسلوب في الكتابة ،سأحاول قدر الإمكان الوقوف عنده بعد تعريفنا بالمقصود من ” الأسلوبية ” وهي مشتقة من كلمة : ” اسلوب” اي النمط والطريقة و الرؤية التي ينجز بها الإنسان عمله الإبداعي ،
وقد يكون أيضا مرآة لشخصية الفرد وكيف يتصرف في حل معضلات حياتية أو عملية …فنقول مثلا : أسلوب المخرج لهذه المسرحية ،أو فيلم سينمائي أو في التأليف أو في تدبير شركة أو في تعليم تلامذته ،… يختلف عن الأساليب الأخرى المشابهة .
فأسلوب الشاعر خالد الشاسي في تناوله لقصائده يغلب عليها أولا : البناء الفني المعروف في القصيدة العمودية ، غالبا ما تنزع إلى العاطفة الجياشة في تناول مواضيعها ،مع الأشتغال على اغناء القصيدة بالرموز الاسطورية أو رموز لها علاقة وطيدة بالموضوع ، يبتغي من وراء ذلك تجنب الملل والتكرار والإطناب .
فإذا كانت ” الأسلوبية” نعمة وفنا وابداعا وتجعل أدب فلان معلوما معروفا لدى القراء الذين يتابعون مؤلفات هؤلاء ،فإنه في المقابل نجد من يعارض هذه الاسلوبية لدى الكثير من الأدباء والشعراء …
فمثلا : لو أخذنا كتابات مصطفى لطفي المنفلوطي وكتابات محمود العقاد ،وكتابات جبران خليل جبران وكتابات المتنبي …. فسنجد أساليب الكتابة عندهم معلومة ومعروفة جدا ، فقبل أن تقرأ احدى هذه الكتابات تستطيع أن تتنبأ بالكاتب أو الشاعر دون الحاجة إلى العودة إلى البحث عن صاحب العمل ،! هذه هي الأسلوبية التي اقصدها في هذا التحليل الأدبي….ولحسن الحظ أنني توقفت اليوم على قصيدة لشاعر له اسلوبه الخاص في تناول قصائده التي اغلبها أو جلها من الشعر العمودي الموزون في إشارة إلى ما يتميز به شاعرنا من علم راسخ بقواعد العروض والبلاغة وعلم المعاني والمحسنات اللفظية…..
فقصيدة الأستاذ الشاعر خالد الساسي ” ليلى” قصيدة اهتمت بثلاث نقط عامة من حيث الشكل الفني :
— ابداء سروره بابنته ” ليلى ” وأمها التي انجبتها …وهذا يعكس عاطفة أبوية خالصة ، ما يدفعنا إلى ما يسميه النقد الحديث : البعد والقرب : أي القرب العاطفي للشاعر من قصيدته أو البعد العاطفي للشاعر من قصيدته : فالشاعر هنا سلك مسلك القرب الشديد لابداعه بالذات ،بنفسه فهو لا يصف شجرة أو يحكي حكاية من خيال أو يصف شيئا خارجا من ذاته ،بل يعبر عن مكونات نفسه وقلبه تجاه احدى بناته …من صلبه،،،، من نطفته…من أسرته…من قريب جدا إلى القلب والوجدان والروح …وبهذا ربح نقطة : تقريب الشعر إلى الذات ..ذات الشاعر .
— النقطة الثانية : اختياره للبحر الكامل التام من بحور الشعر الخليلي …وهذا الاختيار لم يختره عبثا ،وهو الملم بفنون الشعر الموزون وبالعروض ،بل ليؤكد مدى محبته ل ” ليلى” اي كامل الحب والرعاية والاهتمام .
— الصورة الفنية والخيال الشعري الواسع في الاشتغال عن أسماء شخصيات معروفة في تاريخ الأدب العربي بكل ما تحمل من دلالات وانزياحات ومعان تختصر الطريق على القارئ / المخاطب/ أو المرسل إليه الخطاب ….هل هي رسالة أو تأريخ عيد ميلاد أو وثيقة أسرية تمتد لأصل عائلي ؟ ربما هي وثيقة ستبقى خالدة لتؤرخ لحظة ميلاد طفلة ” ليلى” من أبيها الشاعر .
اسوقفني الشاعر بجد في اختياره لإسم ” ليلى” .هل هو اعتباطي ام لهذا الإسم أثر كبير ومعنى في الشعر الجاهلي ،مادام هو من الشعراء المدافعين بشراسة عن القصيدة العمودية ؟ فالصدق يأتي من البيت الأول حيث سيذكر اسم ‘ليلى” ويذكر اسم ” الأم ” وهو القائل :
سلمت ” ضحى” من أنجبت ” ليلى ”
فهو يخص زوجته : السيدة : ضحى” بالعودة والثناء لأنها أنجبت له :” ليلى” …..وهذا دليل صدق الشاعر الأستاذ الشاعر خالد الساسي مما يعزز ” مصداقية ” الشاعر ويحببه أكثر إلى قرائه ومحبيه …
لقد نهجت القصيدة حبكة متراصة الفكرة والحلقات ،وولدت لدى القارئ رغبة المتابعة للقصيدة إلى قفلها ، وجعلت القصيدة الشعرية تعبيرا حقيقيا لكل ما يختلج في النفس من مشاعر ومشاغل وأفكار الشاعر عموما …بعيدا عن فن الخاطرة والشعر النثري الذي لا يستقيم ومعنى الشعر …ولا اقصد بالشعر النثري الشعر الحر أبدا …..ولكن اقصد من يكتب الخاطرة ويعتقد أنه يكتب شعرا ….فأنا مع من يسمي الأشياء بمسمياتها دون خجل أو خوف …فإما أن أكون كاتبا مبدعا في السرد ،أو اكون شاعرا بالمعنى المتعارف عليه عالميا ….
كل التهاني والتبريكات لشاعر كبير ، الأستاذ الشاعر خالد الساسي من تونس الخضراء الذي اتاح لنا فرصة سعيدة في جمال الشعر والأدب العربي الحديث
قصيدة من بحر الكامل
بقلم الشاعر خالد الساسي
ليلى
سلمت ضحى من أنجبت ليلائي
فأخصّها بمودتي وثنائي
ولحسن ليلى قد نظمت قصيدتي
تلك الّتي لجمالها إطرائي
ما قال في ليلاه قيس مثل ما
أبدعت في شعري على ليلائي
والبحتري لا يستطيع بوصفه
وصف الّتي فازت على الزهراءِ
أو عنتر العبسيّ فرضا لو رأى
ليلى كريم شارد بفلاءِ
قد ينثني عن عبلةٍ عذرائه
ويصير مجذوبا إلى عذرائي
ويقول في أوصافها ما لم أصف
بفصاحة صعبت على إنشائي
لو أقبلت ليلى بليل دامس
لتحولت ظلماؤه لضياءِ
والبدر يأفل والنجوم تباعه
ليلى كشمس أشرقت بضحاءِ
مثل الغزال نحافة ورشاقة
في صيدها شقّت عن العظماءِ
رمز العفاف أميرة عربيّة
يمنيّةموسومة بحياءِ
كم عاشق أستشهدوا في عشقها
طلب الوصال ولم تجد بدواءِ
كعروس بحر في الخيال مقامها
ووسيلة الإلهام للشعراء
بقلم الشاعر خالد الساسي … ل التوفيق .