باحثون سعوديون يكشفون عن نظام بيئي فريد في قاع البحر الأحمر

كشف فريق بحثي عن عالم ميكروبي غريب ومدهش في أعماق البحر الأحمر، تحديدا في منطقة الفتحات الحرارية المائية المعروفة باسم “هاتيبا مونز”.
وقاد الدراسة البروفيسور أليكساندرو روسادو من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في المملكة العربية السعودية.
وهذه الفتحات الحرارية المائية هي شقوق في قاع المحيط تتدفق منها مياه ساخنة غنية بالمعادن. وتعد هذه المناطق واحات للحياة في قيعان المحيطات، حيث تعج بالكائنات الحية التي تتكيف مع الظروف القاسية.
وما يجعل هذا الاكتشاف استثنائيا هو أن هذه الميكروبات لا تعيش فقط في بيئة متطرفة، بل إنها تخلق نظاما بيئيا قائما بذاته يعتمد بشكل أساسي على معدن الحديد. وهذا يختلف جذريا عن النظم البيئية المماثلة في محيطات العالم، والتي تعتمد في الغالب على الكبريت أو الميثان كمصدر للطاقة.
ومن خلال تقنيات متطورة في التحليل الجيني، تمكن الفريق البحثي من كشف أسرار هذا العالم الخفي. فقد أعادوا بناء أكثر من 300 جين ميكروبي، العديد منها لم يكن معروفا للعلم من قبل. لكن الأهم من مجرد التعرف على أنواع هذه الميكروبات، هو فهم كيف تعيش وتؤثر في بيئتها.
وهذه الكائنات الدقيقة تمتلك قدرات خارقة تمكنها من تحويل الحديد من صورة إلى أخرى، وتثبيت الكربون، والتعامل مع الكبريت والنيتروجين. وهذه العمليات الحيوية لا تحافظ على حياتها فحسب، بل تشكل البيئة المحيطة بها وتلعب دورا في الدورات الكيميائية العالمية.
ويشرح البروفيسور أليكساندرو روسادو، قائد الفريق البحثي، أهمية هذا الاكتشاف بقوله: “إنه يقدم لنا نافذة نطل منها على كيفية تمكن الحياة من التشكل والتأقلم في أقصى الظروف”. مضيفا أن هذه الميكروبات “قد تخبرنا بقصة عن ماضي الأرض، وربما عن إمكانية وجود حياة في عوالم أخرى”.
وهذا العالم السري في أعماق البحر الأحمر لا يفتح آفاقا علمية نظرية فحسب، بل يعد بتطبيقات عملية مستقبلية في مجالات التقنية الحيوية، وحماية البيئة، وحتى في فهم إمكانية وجود حياة على كواكب أخرى. ويؤكد هذا الاكتشاف مرة أخرى أن أعماق محيطاتنا ما تزال تخفي الكثير من الأسرار، وأن البحر الأحمر بشكل خاص يثبت أنه كنز علمي فريد يستحق المزيد من الاستكشاف والدراسة.
المصدر: Eurekalert