كتاب وشعراء

قربان القصيدة… زكريا شيخ أحمد

قربان القصيدة
——————-
أنا لم أكتب…
بل نزفتُ على ورقةٍ كانت تصرخ:
ارفق… إنك تحفر في جوهر الخلق نفسه.

كلّ قصيدةٍ
ذبيحةٌ على مذبحي
أذبحها بسكين اللغة
ثم ألعقُ دمها
لأعرف إن كنتُ ما زلتُ إنساناً ،
شاعراً مهووساً
تخيل أن الوحي يسكن في نباحٍ يائس.

الشعرُ ليس كلاماً.
بل ارتطام نجمةٍ
بعينِ مجنونٍ فقد أمَّه في الحرب
فصار يكتب
كلما رأى دخاناً.

قالوا لي:
كن بسيطاً ، اكتب عن العصافير.
كتبتُ عن عصفورٍ
يبني عُشَّه داخل جمجمة شاعرٍ ميت
و كلما غنّى
انشقّت الأرضُ
و سقطنا نحنُ الشعراء
كحجارة مسبّحة.

منذ زمنٍ بعيد لم أعدْ أكتب لأُعجب
و لكن لأغتسل من وسخ الكائن.
كلّ سطرٍ أكتبه
محاولةٌ فاشلة
لإعادة ترتيب وجه المعنى
بعد أن شوههُ الإعلام.

القصيدة ليست كلمات
إنها كائنٌ يتنفس تحت جلدي
أشعر بنبضها كلما سكتُ
تعضّ أظافري حين أتردد
و تبكي إن كتبتها ناقصة.

في الليل…
تستلقي بجواري
كطفلة لقيطة
تسألني:
لماذا كتبتني بهذا الألم؟
فأرد:
لأبقيك حيةً في جسدٍ يحتضر.

و في النهاية…
حين يسألونني:
ما آخر ما كتبته؟
أُخرج قصيدةً من جيبي
لكنها ليست قصيدة
بل شهادة وفاة
لكلمةٍ ماتت واقفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى