رامي وحيوانات القرية

قصة
رامي وحيوانات القرية
نجاح الدروبي
غربت الضحكة عن وجه رامي عندما أعلن والده السفر إلى القرية، وظنّ أنَّه حُرِمَ من متعة اللعب، فظلَّ صامتاً طوال الطريق وعندما وصل مع أسرته إلى منزل أقربائه كان الجميع على درجة كبيرة من الفرح؛ أما هو فكان واجماً لا يتفوَّه بكلمة ولا يُبالي بالقطة التي اقتربت منه وأخذت تُحرِّك ذيلها الأشقر بوداعةٍ وتحبُّب، بل نهرها بقدمه صائحاً: “ابتعدي عني وكفِّي عن المواء!”.
استاءت القطة من رامي واستعدت للهجوم عليه، وعندما رآها الطفل شعر برعدة تسري في عروقه، فراح يعدو مذعوراً منها، وبينما هو يركض شاهد في طريقه كلباً فقال له:
-“أنت تنبح بصوتٍ مُزعج، والأغنام تثغو، والحمار ينهق بصوتٍ قبيحٍ”.
ارتسم الحنق المسعور على وجه الكلب فاندفع يعدو وراءه، وعندما شاهد حماراً استوقفه قائلاً:
-“انظر.. هذا الولد يقول عن صوت القطة إنها تموء، وعن الكلب إنَّه ينبح، وعن الأغنام إنَّها تثغو، بينما يقول عنك: إنك تنهق بصوتٍ قبيحٍ!”.
شعر الحمار بالغضب من رامي، فأسرع يلحقه مع القطة والكلب حتى اصطدام الطفل ببقرة فقال لها مُؤنِّباً:
-“ألا تنظرين أمامك جيِّداً.. كان عليك أن تخوري كي أنتبه لوجودك؟؟”.
استاءت البقرة من رامي، وانضمَّت مع فريق الحيوانات للحاق بالطفل، الذي رسم على شفتيه ابتسامة صغيرة تحوَّلت فيما بعد إلى ضحكة كبيرة عندما شاهد ضفدعة تأكل ذباباً فقال لها:
-“أنت تُصدرين صوت النقيق، والذباب يُصدر صوت الطنين”.
غضبت الضفدعة من كلام رامي وقالت له معترضةً على تهكمه:
-“حسناً إنَّ نقيقي لا يعجبك، وكذلك تسخر من مواء القطة، ونباح الكلب، وثغاءالغنم، وطنين الذُّباب، ونهيق الحمار، فهل تُخبرنا عن الأصوات التي تُحبُّها؟!”.
فأجاب رامي وعلى وجهه سنا ابتسامة صافية:
-“أنا أُحبُّ صوت هديل الحمام، وعندلة العندليب، وسقسقةالعصفور؛ أمَّا أصواتكم فلا أحبُّها ولا أعتبرها نافعة”.
غضبت الحيوانات غضباً شديداً من الطفل، واندفعت جميعاً وراءه تريد الاقتصاص منه حتَّى أتى باب أقربائه فولجه، وعندما زحف الظلام أوى إلى فراشه، ثم استسلم لسباتٍ عميقٍ استيقظ منه فزعاً بعد وقتٍ قصيرٍ على صوت نهيق الحمار، وصهيل الخيل، ونباح الكلب، ومواء القطة، وخوار البقر، وثغاء الغنم، ونقيق الضفادع!
نظر من الشرفة، وهو يفرك عينيه المُجلَّلتين بالحمرة، فإذا به يرى الحيوانات تُحاصر لصَّاً حاول الدخول إلى المنزل لسرقته وللتَّعرُّض لسلامة أصحابه.
أُعجِبَ رامي كثيراً بهذه المخلوقات، وأخذ يتودَّد إليها ملاطفاً بقوله:
-“ما أحلاك أيَّتها الحيوانات المفيدة، وما أجمل أصواتك!”.







