مسرحية تجريدية * احتمال الضوء*..زكريا شيخ أحمد

مسرحية تجريدية بعنوان
* احتمال الضوء*
المشهد الأول: لا أحد على الخشبة
ضوءٌ خافت…
كأنه يبحث عن ممثلٍ نسيَ أن يولد.
الستارةُ ترتجف…
ليس من الريح
و إنما من النصّ الذي لم يُكتَب بعد.
في الزاوية…
كرسيّ فارغ
يجلس عليه صمتٌ بثياب شخصية ثانوية.
تصفق الأصابع…
ربما تحيي الفراغ
أو تهدد المعنى.
المخرجُ نائمٌ في رأس الكاتب
و الكاتبُ عالقٌ في جملةٍ
ترفض أن تنتهي.
صوت من خلف الكواليس:
“لا تخف… هذا العرض لن يبدأ.”
المشهد الثاني: النص يتمرّن وحده
(الإضاءة على دفتر مفتوح، تتنفس أوراقه ببطء)
الصوت الداخلي (هامس) :
الكلمات تتدرّب
على الظهور دون حضور.
بعضها يركض باتجاه المعنى
و البعض الآخر
يتسكّع خلف علامات الاستفهام.
ظلّ كاتب (يكتب في الهواء):
الشخصية الرئيسية؟
أخفيتُها عمداً
كي لا تُصاب بالوضوح.
الصوت الداخلي:
الحوار كان موجوداً
ثم اختفى في فم جملة ناقصة.
(ضوء خافت يسقط على نقطة حبر تسقط من أعلى كأنها قطرة ندم)
المشهد الثالث: لقاء مع الظل
(كرسي خشبي في المنتصف.
يجلس عليه ظل.
الكرسي لا يصدر صوتاً.)
الظل:
أنا مَن وقفَ مكان البطل
حين خاف أن يتكلم.
أنا مشيتهُ المترددةُ
و صوتُهُ المكسورُ
حين قال: أنا بخير
و كان يعني العكس.
صوت المخرج (من بعيد):
هل يمكن للظل أن ينسى جسده؟
هل يمكن للجسد أن يعتذر للضوء؟
(الظل ينكمش حتى يختفي تحت الكرسي)
المشهد الرابع: استراحة داخل العقل
(ديكور فارغ، لا شيء إلا ساعة بدون عقارب و صوت قلب ينبض.)
راوٍ غير مرئي:
هذه ليست استراحة،
هذه منطقة عدم اتخاذ قرار.
الزمن جلس معنا ،
تناول قهوة بلا طعم،
ثم قال:
عودوا حين تكونون ناضجين للحقيقة.
(الساعة تنفجر ببطء إلى زهور ورقية)
المشهد الخامس: العرض الأخير لم يُعرض
(الستارة مفتوحة، المسرح مكسوّ بالدخان، لا أحد يظهر.)
الصوت الأخير:
كل ما شاهدتموه
كان احتمالاً.
الكاتب استقال.
الشخصيات سافرت إلى الحكايات المجاورة.
و الخشبة…
ظلت واقفة
تصفّق للمكان الخالي.
الختام: مونولوج الفراغ
(ضوء أبيض ثابت على خشبة خالية. لا حركة. فقط صوت داخلي ناعم، شفاف كأنه يأتي من باطن العقل.)
أنا الفراغ
الذي كتبكم.
أنا الحوار
الذي نسيتم أن تقولوه
عندما كنتم مشغولين بتأدية الحياة.
كل جملة
وُلدت و هي تشتاق للنهاية
لكنها علقت في احتمالها.
كل شخصية
تَركت ظلها على الخشبة
و هربت لتصير كلمةً في الهامش.
لا تصدّقوا العرض.
لم يكن عرضاً.
كان مرآةً
رفعناها فجأة،
فأغمضتكم الدهشة.
الآن،
يمكنكم المغادرة
إن تذكرتم الطريق.
(الضوء يخفت تدريجياً حتى لا يبقى شيء سوى الصمت)
من ثلاثية الاحتمال
ملاحظة
هذه المسرحية مهداة للصديق الغالي و العزيز السيناريست و الكاتب المسرحي و السينمائي
Bavê Zara
الصديق الغالي و العزيز و المتواضع







