كتاب وشعراء

لم تكن أفريقيا بهذا العذاب…براهيم مالك

أمضي نحوكِ كأنّني ٱخر النّاجين من إعصار كاترينا،

أحملُ فوق ظهري أوجاع هذا الزّمن الرّديء

و متاهات وطنٍ تُثقله الزّوابع تِلو الزّوابع

أمضي و كأنّني آخر البحّارة التّعساء,

صيّادٌ ماهرٌ لم يُكتب له البقاء حيّا

ليشهدَ أمجادَ مراكبه و أسماكه الزّرقاء.

أجرّ مَعي تاريخا من الصّراع و الحقدِ و الخذلان البشري،

أرميه فوق ظهري الأحدبِ كتاريخ الشّعوب العربية المقهورة.

لم تكن إفريقيا بهذا العذاب من قَبل

لقد رأينا الإله يَخرج منها سابقا

بعد أن قَصموا ظهره بالغَدر و الجُبن و القهر،

لم تكن لتتركَ طفلا وحيدا هزيلا على قارعةِ طريق

و لم تكن امرأةٌ تُخرج ثَديها

فلا تجدُ ما يسدّ رَمقَ رَضيع ،

لكنّها الأيّام انهالت

و تكالبت علينا

و رسمت فوقَ صُدورنا خارطةً للجُوع.

لقد رميتُ الحبّ من قلبي

كانت ٱخرَ امرأةٍ تمسحُ عنّي هذا الوجع

و كنتُ ٱخرَ رجلٍ يمسح عن قلبها

أَوجاع رجال آخرين.

ليس لديّ وطنٌ يُمكنني أن أَشتمه كفايةً،

و لم يكن أمامي أبٌ ليُخبرني عن عَدد النّساء

اللائي سَيدخلن حياتي،

و يَخرجن منها يائسات،

لم أمتلك شيئا سِوى قَلب طفلٍ صغير

تَركتُه ٱخر مرّةٍ عند امرأةٍ أحببتها، و خذلتني.

أمضي دائما ولا أصلُ،

أدور في نفسِ الفراغ و العتمةِ

تماما كما لو أنّني خارطةٌ مُمزّقةٌ لبلادِ سَحيقة.

فكرةُ الموت لا تعنيني إطلاقا،

فكرةُ الحياة تُذكرني بكلّ انهزاماني القادمة و الحاضرة،

فِكرتي عن الشّعر أن نُطلق على أنفسنا رصاصةً و نَغرقَ في نصّ أَبَدي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى