حوار العدد مع البرفسور محمد بن محمد سعيد الشعيبي رئيس المنتدى،المشرف العام رئيس هيئة تحرير مجلة القشم الثقافية. ……. أجرى الحوار: الشاعر صالح حمود



تقديم:
للبروفيسور الشعيبي والمنتدى أصعب المهام أن تجري حوارًا مع شخصية متعددة المواهب والاهتمامات والخبرات.والبروفيسور محمد الشعيبي واحدٌ من أبرز تلك الشخصيات المؤثرة في مجالات عدّة، فهو الأكاديمي الذي يشغل مناصب قيادية في أكثر من جامعة، وله إصدارات فكرية ذات طابع علمي وأكاديمي، بالإضافة إلى أنه مثقف متميز وقيادي يتمتع بكفاءة عالية. كما يُعدُّ ناشطًا اجتماعيًّا وإنسانيًّا مؤثرًا، شغل عضوياتٍ ومناصب متميزة في مؤسسات مدنية وثقافية محلية وعربية ودولية، منها على الصعيد المحلي:
.رئاسة جامعة تعز
.رئاسة مجلس أمناء جامعة خليج عدن
-رئيس مجلس إدارة شركة عدن التعليمية
-رئيس جمعية الحاجة قدرية الخيرية.
· رئاسة منتدى القشم الثقافي التنموي.
· رئاسة هيئة تحرير مجلة القشم الثقافية.
-شارك في تأسيس وترأس أكثر من جامعة خاصةً كجامعة السعيد والجامعة العالمية بتعز.
-رئيس مجلس إدارة عدد من المشاريع الإستثمارية
ارتبطت المؤسسات التي يديرها بسلسلة من النجاحات، حيث تميزت مهاراته القيادية بقدرته على الجمع بين المدرستين السلوكية والعلمية الحديثة في إطار متكامل، شكَّل سمةً خاصة في منهجه القيادي وأسلوبه الإداري.
ولأهمية اللقاء، سنركز في هذا الحوار على:
1. مدخل معرفي عن العلاقة بين الأكاديمي والثقافي، في مقاربة تشغل فيها المنتديات كجسر رابط وفاعل.
2. المنتدى في مرحلته الثانية: المنجز والمأمول في الأجندة.
3. المجلة وملف الثقافة كرافعة للتنمية.
و
ونترك للأعداد القادمة الفسحة الأوسع لمناقشة تحديات العمل الأكاديمي في بلادنا،وإشكالية الثقافة والمثقف، وأثر الذكاء الاصطناعي.
—
أولا
ديناميكيات العلاقة بين الأكاديمي و المثقف ومؤسسات المجتمع الأهلي
العلاقة بين الأكاديمي والثقافي والمدني والمجتمع الأهلي،علاقة مهمة وبالنظر إلى خبرتكم في كل من هذه المجالات:
· كيف ينبغي لديناميكيات تلك العلاقة أن تعمل بفعالية بوتيرة عالية؟
· وما دورها في إحداث تنمية متوازنة في مجتمعاتنا؟
يقوم كل من الأكاديمي والثقافي والمدني – بما فيه ممثلي المجتمعات الأهلية كالمنتديات – بدور مهم ورائد في الحياة. ويُنظر للدور المناط بكل مجال بدور تطويري تنموي معرفي وحسي شديد التأثير في تنمية المجتمعات وتقدمها.
بتقديري: كي يتاح لنا إدراك الأهمية البالغة لهذا الدور، لا بد من توضيح ماهية العلاقة بين تلك المرتكزات؛ فما هي تلك العلاقة؟ بالتأكيد هي علاقة تكاملية تفاعلية،بناءة، يمكن اعتبارها في السياقات الكلية علاقةً تؤثر بشكل مباشر في عوامل بناء الدول. إذا ما أُحسنت إدارتها – أو ما يمكن أن نقوله وفق سؤالكم: تفعيل ديناميكياتها – وتوظيفها بفعالية لإحداث تنميةٍ مجتمعيةٍ شاملة.
كيف تعمل تلك الديناميكيات؟ الثابت أولاًأن العلم بدون ثقافة يجعل العمل الأكاديمي ناقصاً، والثقافة هي من تكمل ذلك بالأداء. يمكن فهم ذلك من خلال معرفة الخصوصية الوظيفية لكل مرتكز في سياق العلاقة التكاملية الرابطة بينها. وهنا ندخل في جزئيات فهم وظيفية كل مرتكز:
1. الأكاديمي: نتحدث عن الأكاديمي كفردٍ يؤدي وظيفته في المجال التدريسي والبحث العلمي، وخدمة المجتمع ويتحلى بقدر كبير من الثقافة العامة، وينقصه التخصص في كثير من جوانبها على اعتبار أنها ليست مجاله الأساسي. غير أن اكتساب الكثير منها بعد شرطًا قيميًا يفرضه الوازع المسؤول؛ لتقديم الخدمات القصوى من المعارف الأكاديمية للمجتمع، والتقاط ما يمكن تقديمه معرفيًا لدراسات وحلول عملية لقضاياه التنموية. وهو ما نسميه الأكاديمي المثقف. كما يشترط تحلِّيه بقدر جيد من الثقافة؛ لتهيئة الخريجين بمقدرات إضافية تساعدهم على تكريس البعد الأخلاقي لتخصصاتهم في الحياة العملية.
2. المثقف: في المرتكز الثاني نتحدث عن المثقف الفرد، المؤثر في حقل صانع المعرفة أو المنجز في أي جانب ثقافي (أدبي، فني، إعلامي، فكري). ورغم أن تعريف المثقف واسع ولا يقتصر على أداء وظيفة ثقافية في حقل معين (بل يهتم بلون ثقافي معين وينجز فيه)، فإنه ينقصه التخصص العلمي الدقيق. وهنا يأتي دوره في:
· بلورة الإنتاج المعرفي الأكاديمي إلى خطاب مؤثر وملهم في المجتمع.
· تحويل هموم تنمية المجتمع إلى قضايا ملحة وإخطارات إعلامية أو رسائل تحرض اهتمام الأكاديمي لتحليلها وتقديم حلول عملية.
3. المجتمع المدني (المنتديات والجمعيات): نأتي الآن إلى دور المجتمع المدني بمنتدياته أو رموزه الاجتماعية المؤثرة،
هذه المؤسسات المدنية تمثل المجتمعات الأهلية وتعكس اهتماماتها وشؤونها التنموية. تتمتع هذه المنتديات بمكانة مهمة فهي:
· تربط بين الثقافي والأكاديمي.
· تهتم مباشرةً بقضايا المجتمع التنموية.
· وجودها عامل حاسم لتشجيع روح المبادرة لتحويل التحديات إلى فرص تنموية في كل جوانب الحياة (الاقتصادية، الثقافية، الرياضية، الفكرية، تحديات البيئة).
· تتعامل مع ما تفرضه التحولات الكبرى من ظروف كالحروب والتحديات التي تحتم على المجتمع الصد من العوامل السلبية المؤثرة على بنيته وهويته وأمنه المعيشي والغذائي، ودفعه لتقديم البدائل.
—
ثانياً :المنتدى في مرحلته الثانية: المنجز والمأمول .
يصادف الثالث من أغسطس 2025 الذكرى الأولى لإشهار منتدى القشم الثقافي التنموي في مرحلته الجديدة. بهذه المناسبة، ماذا تريد تقوله؟ وما هي رسالة الانطلاقة الجديدة؟
· في تاريخ 3 أغسطس 2024م سجل المنتدى مرحلة انطلاقته الثانية بحفل إشهار كبير أُقيم في مقره الرئيسي بمدينة العوابل (عاصمة مديرية الشعيب)، بحضور مثقفين وأدباء وشخصيات أكاديمية واجتماعية وازنة قَدِمت من مختلف مناطق الوطن، وحظيت بتغطية إعلامية واسعة.
· تم خلاله إقرار وثائقه الأساسية كمؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني غير الربحية، لتسهم في دعم الثقافة وجهود التنمية بكل جوانبها.
· لقد شكل المنتدى حاضنة لأفكارنا ورؤيتنا منذ تأسيسه في العام 2000م، مروراً بمرحلة إشهاره الثانية في أغسطس 2024، ليتجه نحو آفاق أوسع برسالته النبيلة محليًّا ودوليًّا.
· وشكلت خبرات المنتدى الطويلة أساسًا مهمًّا للبناء عليه في تجديد وتطوير رؤيته المستقبلية، وما ترتب عن ذلك من تعميق بنيته المؤسسية القادرة على تهيئة مناخ موائم يؤمن عوامل الاستمرارية والسبل الكفيلة للنجاح، خدمةً لرسالته النبيلة التي صاغها مؤسسو المنتدى الأوائل عملاً وقولاً. وقد أخذت هذه الرسالة الآن بعدها الأشمل لمواكبة متغيرات العصر ومقتضياته، حيث التنمية في بعدها الأمثل تعتبر الثقافة جوهرها الأسمى ووجهها الحضاري، روح هويتنا ورافعة كل تنمية إنسانية.
· أجدها مناسبة في هذا الحوار لأحيي مؤسسي المنتدى رواده الأوائل، وفي مقدمتهم مؤسس المنتدى وراعيه الأستاذ الجليل محسن ناصر القشم، وهيئاته الإدارية والاستشارية، وكل أعضائه وناشطيه ومثقفيه في الوطن وخارجه بهذه المناسبة.
س: ما الجديد الذي تم إنجازه ترجمة لتلك الرسالة؟
أخذت رئاسة المنتدى والأمانة العامة على عاتقهما منذ الوهلة الأولى تحويل مقررات الانطلاقة الجديدة إلى واقع ملموس، وشرعتا في إعداد الخطط في كل الجوانب، وعمدتا إلى تأسيس روافع أساسية تمثل شخصيته وتشكل بنى أساسية لأداء رسالته وتعكس أنشطته في الفضائين الإعلامي والورقي:
1. إنشاء موقع إلكتروني: تم إنشاء موقع يمثل شخصية المنتدى وواجهته، تديره إعلامية المنتدى، ويعمل على مواكبة كل أنشطته وحضوره الرسمي في الفضاء الإعلامي ويرفده بكل جديد.
2. افتتاح مقر جديد: تم فتح مقر للمنتدى في عاصمة المحافظة (مدينة الضالع).
3. إطلاق الفعاليات: دشنت أول فعالياته الثقافية في العواصم الثقافية (عدن ولحج) بإحياء فعاليتين ثقافيتين: الأولى في منتدى الأيام تم فيها تكريم رئيس منتدى الأيام، والثانية في منتدى الحسيني بحضور نخبة من الأدباء والمثقفين والفنانين. ثم تواصلت الأنشطة الثقافية والاجتماعية والرياضية والتنموية لتغطي جغرافيا أوسع بشكل مباشر أو برعاية المنتدى.
4. إصدار مجلة ثقافية (خطوة نوعية):
· تم إصدار مجلة القشم الثقافية في الفضائين الورقي والإلكتروني.
· تشكلت هيئة تحريرها من رموز ثقافية وفكرية لها وزنها وتعمل على تقديم الأفضل.
· اعتمدت المجلة الجمع بين الرصانة والبساطة.
· تضم أبوابًا متنوعة تغطي الدراسات (أهمها باب “ملف العدد” الذي يناقش في كل عدد قضية مهمة بشروط أكاديمية)، وألوان الأدب المختلفة، وبابًا للترجمة، وبابًا لتشجيع المواهب يحمل عنوان “مبدعون على طريق الاحتراف”.
5. جنبًا إلى جنب مع توسيع مساحة التنسيق مع المؤسسات الثقافية والمنتديات داخل الوطن وخارجه، وقع المنتدى بروتوكولًا للتعاون الثقافي مع مؤسسة النيل والفرات. يغطي البروتوكول جوانب النشر المتبادل، والمشاركة في الفعاليات، وطبع الكتاب، وحضوره في المعارض السنوية للكتاب في القاهرة والإسكندرية. (شكر خاص للأستاذ والشاعر الكبير ناجي عبدالمنعم رئيس مجلس إدارة مؤسسة النيل والفرات ورئيس تحرير مجلتها على استعداده الدائم لدعم تفعيل هذا البروتوكول المهم ولتغطيته أنشطة المنتدى بشكل متواصل). نسعى في المستقبل إلى تفعيل هذا البروتوكول بما يخدم المشهد الثقافي العربي والتواصل على المدى البعيد.
– عُقد لقاء مع الدكتور مجدي صالح رئيس مجلس إدارة دار رقمنة الكتاب السويدية، تمخض عن اتفاق سيتم بموجبه توقيع بروتوكول تعاون بين الدار والمنتدى. وفقًا للبروتوكول المنتظر توقيعه، سيتم طباعة 300 كتابًا إلكترونيًّا مع ترقيم مجاني من مكتبة ستوكهولم الملكية السويدية. الشكر موصول للمثقف والروائي د. مجدي صالح على متابعته وعبر دار رقمنة الكتاب التي يترأسها، لمنح مجلة القشم الثقافية رقما دوليا، وهو (30359250).
6. أنشطة متنوعة ودعم تنموي: واصل المنتدى أنشطته الثقافية والتنموية والرياضية بوتيرة جيدة. وشهد العام تقديم دعم مالي لبعض دراسات مشاريع البنى التحتية الاستراتيجية، كمشروع دراسة مياه الشعيب الاستراتيجي في مرحلته الثانية، وغيرها…
س: في سياق هذه الإنجازات،يأتي موضوع رقمنة الكتاب وطباعته إلكترونيًّا. كيف يتم تنفيذ هذه الخطوة الرائدة؟
ج: تأتي هذه الخطوة لخدمة المبدع والمثقف،لمواكبة عصر الرقمنة والنشر الإلكتروني. وتُعد مكتبة استوكهولم من أعرق مكتبات العالم، ومن أوائلها في توفير البنى اللازمة للرقمنة وحماية حق المبدع وملكيته الفكرية، وتسويق إنتاجه الفكري، ومُشارَكة كتبه في فضاء عالمي يحضره القراء والمهتمون من مختلف الجنسيات، علاوةً على مُشاركته في معارض الكتاب الدولية الرقمية.
سيقوم المنتدى بتشكيل لجنة تتولى هذا الأمر، وتشرع في اتخاذ الخطوات اللازمة لتنفيذه بسلاسة ومهنية، بدءًا بوضع شروط الدار الفنية والمعايير العامة، ثم الإعلان والتواصل مع المثقفين، ثم جمع الكتب المؤهلة للطباعة والرقمنة، وتجهيزها فنياً، وإرسالها للطباعة والرقمنة. علماً أنه سيتم الإعلان أولاً عن طباعة ورقمنة 300 كتاب، ستغطي كل مجالات الأدب والفن والعلوم والدراسات الأكاديمية في سياق المعايير الثقافية الدولية.
ثالثاً..المجلة وملف الثقافة والتنمية
س-
في ملف العدد من مجلتنا .. عبارة تقول:
الثقافة رافعة للتنمية ..كيف تكثف هذه العبارة أهمية الثقافة في التنمية الشاملة؟
ج-
أتوجه أولا بكل التحايا إلى الأستاذ والمفكر العربي الكبير د .علي حرب الذي يقوم بالاشراف على باب ملف العدد وطرح قضايا جادة تهم ثقافتنا العربية والمثقف العربي وكل الباحثين والمثقفين الذي يقدموا مشاركاتهم العلمية ودورهم الكبير في تقديم اجوبة لكثير من القضايا منها ثنائية الثقافة والتنمية…
ج
بالتأكيد! العبارة “الثقافة رافعة التنمية” تُكثِّف أهمية الثقافة في التنمية الشاملة اعتبارها:
وبتركيز التالي يحمل بعض ما يوضح الحقيقة تلك.:
1. المحرك لأساسي (ليست ترفًا): تصوِّر الثقافة كقوة دافعة فعالة للتنمية (وليست مجرد نتيجة أو رفاهية. هي روح التنمية ونبضها
2. تتضاعِف الثقافة مفاعيل عوامل التنمية الأخرى (الاقتصادية، الاجتماعية، التقنية) بخلق بيئة حاضنة ومحفّزة.
3. شمولية: الثقافة حياة..بالتالي هي من تحدد ترفع أبعاد كل تنمية:
· البشرية: (هوية، إبداع، قيم تعليم).
· الاجتماعية: (تماسك، حوار، رأس مال اجتماعي).
· البيئية: (استدامة، معارف تقليدية).
4. ضمان الاستدامة والمعنى: تجعل التنمية مُتجذّرة في الهوية، مُلبيّةً للاحتياجات الإنسانية (المادية والروحية)، وقابلة للاستمرار.
باختصار شديد: العبارة تؤكد أن الثقافة هي المُحرِّك الفعّال والمُضاعِف الذي يضمن أن تكون التنمية شاملةً، مستدامةً، وذات معنىً إنساني..
-شكرا من القلب أستاذنا القدير د محمد بن محمد الشعيبي لتشريفك لنا بهذا الحوار المثمر ..مع تمنياتنا لك بالتوفيق الدائم..
– نقلا عن العدد1 من مجلة القشم الثقافية سبتمبر 2025







