عناق الموج…بقلم حسين الغزي

قالتْ:
أنتَ بحرٌ، وموجُك الأزرقُ
يحاكي الشاطئَ بكثيرٍ من العطايا…
فقلتُ:
وأيُّ عطايا؟
وأنتِ الدُّرُّ المكنونُ في أعماقي!
أنا الموجُ الذي ظلَّ يركضُ نحوكِ
منذ أولِ رعشةِ ملحٍ في دمي،
أحملُ لكِ
أصدافَ الحنين،
وأغنياتِ النوارسِ التي لم تُغنَّ بعد.
كنتِ الشاطئَ الذي لا ينام،
كلما اقتربتُ،
أزهرَ الرملُ تحتَ قدميكِ،
وتفتَّحتِ في قلبي
كزهرِ المرجانِ في كهفٍ سريٍّ من الضوء.
أيتها العائدةُ من ضوءِ القمر،
كم مرَّتْ مواسمُ المدِّ
وأنا أكتبُ اسمكِ على صفحةِ الموج،
وأنتظرُ أن تردِّي عليّ
بقبلةٍ من زَبَدٍ،
أو تنهيدةٍ من نسيم.
حين التقينا،
انفرجتْ السماءُ عن قوسِ قزحٍ
من لهفةٍ،
وغنّى البحرُ نشيدَهُ الأزليّ
بلغةٍ لا يفهمها
إلا عاشقٌ غريق.
لمستُ يدكِ،
فانكسرتْ في داخلي
كلُّ السدود،
وانطلقتُ إليكِ
كشلالٍ وجدَ أخيرًا منحدرَه.
كنتِ نسمةً
تُهدهدُ جبهتي المتعبة،
وكنتُ غيمةً
تسكبُ في عينيكِ
مطرَ الشوقِ المؤجل.
في عينيكِ
أبحرتُ بلا شراع،
ولا بوصلة،
فكلُّ الجهاتِ
كانت تؤدي إليكِ.
أنتِ جزيرتي،
ومينائي،
ومرفأُ قلبي الذي
ما عادَ يعرفُ الغرق.
أيتها الموجةُ الأخيرة،
حين عانقتكِ،
أدركتُ أنني
كنتُ أبحثُ عنكِ
في كلِّ قطرةِ ماء،
وفي كلِّ رعشةِ نسيم.
فلا تسأليني
كيف أحببتكِ،
فأنا لا أعرفُ
كيف لا يكونُ البحرُ عاشقًا
للشاطئِ الذي
يمنحهُ معنى الوصول.







