كتاب وشعراء

كنتُ أظنُّ.. وخابَ ظنّي “مصيدةُ الفئران”…بقلم ولاء شهاب

قد تبدو مصيدةُ الفئران من الخارجِ مصدرًا للأمانِ والطمأنينةِ للفئران…
بيتٌ جميلٌ فيه شبابيكُ يطلُّ منها على الدنيا،
وبابٌ مفتوحٌ يدخلُ منه ويخرجُ كيفما شاء،
ووقتما شاء،
وطعامٌ شهيٌّ برائحةٍ نفّاذةٍ تجذبه من بعيدٍ
كأنّها وعدُ نعيمٍ مقيم…

في ثوانٍ خاطفةٍ، يدخلُ المصيدةَ بكاملِ إرادته،
وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامةٌ عريضةٌ تزهو بالفرح والانبهار
فقد نالَ كلَّ ما يبتغيه،
وما لم يجده يومًا حتى في الأحلام…

ثم ماذا؟
ثم المفاجأةُ التي لم تخطر على الأذهان…
فخٌّ منصوبٌ يقضي عليه،
ويجعله في خبرِ كان!
نعم، كانَ يظنُّ أنَّه السكنُ والأمان،
وحينَ دخلَ برجليه، أُغلِقَ عليه الباب،
فتبدّلَ حالُه من حالٍ إلى حال…

لم يشكّ لحظةً أنه على موعدٍ مع الهلاك،
وأنّ كلَّ تلك البهرجةِ والزخرفةِ
ما كانت سوى خُدعةٍ من خُدع الإنسان.

هكذا الحياةُ تُعلّمنا أن ليسَ
كلُّ الأضواءِ الملوّنةِ فيها سعادةٌ كامنة،
فقد تكونُ على النقيض،
حبلًا من حبالِ الخيبة،
يجرّنا إلى حزنٍ وتعاسةٍ غامرة…

كم من مرةٍ تركنا من هو حقيقيٌّ أصيل،
وفيه كلُّ النعيم،
لنجري خلفَ الزائفِ المزيّنِ بالألوان،
الذي لا يقودُ إلا إلى هاويةِ الجحيم…

وفي النهاية، تبقى جملةٌ واحدة
تُسطّرُ خاتمةَ المأساة،
لكنها تأتي بعد فواتِ الأوان:

“كنتُ أظنُّ… وخابَ ظنّي”.

ما كنتُ ضعيفًا يومَ سقطتُ،
لكنني فقط أحسنتُ الظن…
ثم خرجتُ من المصيدةِ إنسانًا
تعلّمَ كيف ينجو من فِخاخِ القلوب.

نَعَمْ… خَابَتْ ظُنوني،
وَلَكِنَّنِي نَضَجْتُ بِهَا،
وَنَجَوْتُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى