من هدي النبوة…بقلم د. أحمد شديفات

بسم الله الرحمن الرحيم
“… فجْأةِ نقمتِك …”
كلما قرأت حديث النبي صلى الله عليه وسلم ازددت إيمانا، فقد دعا بدعوات نغفل عنها مع أننا بأشد الحاجة لها خاصة في أيامنا هذه …
” اللهمَّ إنَّي أعوذُ بك من زوالِ نعمَتِك ، و تَحَوُّلِ عافيَتِك ، و فجْأةِ نقمتِك ، و جميعِ سَخَطِك”
نحن نعيش في نعم الله التي لا تحصى ولا تعد
قال الله تعالى “وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا …”18 النحل
وآية أخرى “وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ…”53 النحل
فالحديث توجه وطالب من الله الخالق لتلك النعم أن يحفظها من الزوال فمنها البصر الذي تميز به بين الألوان وترى به الأشياء بآلة تصوير دقيقة ترافقك بمجرد أن تفتح عينيك يبدأ التصوير، وبالسمع تطرب للصوت الجميل وتغلق أذانك عن سخب الصوت المزعج، فلا يعرف قيمة النعمة إلا من يفقدها فإذا ثقل سمعك تشعر أن نفسيتك تعبت فلم تعد تلتقط الأصوات إلا بصعوبة فكيف إذا زال بالكلية عندها لا تعرف ما يدور حولك وما يحاك ضدك، ويهذا هدم منك ركن كبير؟
قال الله تعالى”… وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ”23 الملك، “… وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ” 12 سبإ
تحول العافية مصيبة المصائب بعد تمام الصحة والنشاط والعقل والحركة يبدأ العدد تنازلي
قال الله “اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ…” 54 الروم، هذا أمر طبيعي على البشر،
لكن الغير طبيعي أن يفاجئ المرء بزوال النعمة وانقلابها نقمة بين عشية وضحاها وبهذا تتغير لهجة الحديث فالإنسان هو من سيتحمل عندها عبء ما يترتب على المخالفة فعدم الحرص يوقعك في محذور النقمة لهجرانك شكران المنعم…
خذ مثال على زوال النعمة وحلول النقمة في الهاتف الذي وضع في خدمتك ”
فالحديث أعطانا درسا لا ينتسئ في تقصيرنا والاطمئنان على ما يقدمه عدونا لنا فهذا النقال عبارة عن قنبلة مؤقتة تحملها بين يديك وفي جيبك وبيتك وحصل من ورائه مصائب ففي لبنان من جراء من تفجير تلك الهواتف مات الكثير وجرح الأكثر وكأننا فئران تجارب دون قيمة وقس على ذلك ؟ تصور لو فجرت كل هواتفنا على مستوى الوطن العربي من المحيط الى الخليج ماذا يصير من تقصير، كم لدينا من مهندسين ؟
أما المحطة الأخيرة “و جميعِ سَخَطِك ”
السخط عدم الرضا لسوء الفعل وكراهية فاعله مما يستوجب انتقام الله لخروج البشر عن المنهج الرباني، وللبيان “…سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ…”80 المائدة ومما يوقعك في السخط “… اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ …”28 محمد، فالسخط يتنوع ويتفرع ويظهر في صور وأفعال كثير مما يوجب غضب الله وعدم رضاه…







