هذا ما يحدثُ في يومِ شوقٍ عابرٍ… ريتا الحكيم / سوريا

هذه المرَّة لن أحدِّثَكَ عَنِ الغيابِ
بل عن زوجتهِ الحسناءَ حين تدخلُ مطبخي،
ترشُّ الملحَ على قهوتي
وتغرفُ من آنيتي ما طاب لها
لتُطعمَ أبناءً من صلبهِ يلعبونَ الغميضةَ في سريري
ويتسلَّلونَ إلى حُضني ليلًا من نوافذِ الأرقِ
يقيمونَ مآدبَهم على شرفِ حياةٍ
خُيِّلَ إليَّ أننَّي كنتُ فيها شجرةً هجرتْها الغابةُ الأم.
*
أغوصُ في صمتيَ الصَّاخبِ..
أقفزُ على ساقِ الألمِ، وعن قربٍ
أراقبُ الغيابَ.. وزوجتَهُ.. وأبناءَهُ
وهم يُشيعونَ الفوضى في تضاريسِ ذاكرَتي
فأغرزُ صرختيَ المخنوقةَ في كلِّ التَّفاصيلِ التي تذكِّرُني
أنَّني ما زلتُ خارجَ حدودِ تلك الغابة التي أزهرتُ فيها،
ولم أورق
فاقترفتُ الحبَّ على مشارفِها علانيةً
لأرتقَ به ثقوبيَ المترهِّلةَ
*
عليكَ أن تتقبَّلَ كوني امرأة تستندُ
على جدارٍ اللامبالاة
لأنَّ الحياةَ هُنا ليست كما تشتهيها
إنَّها تحتضرُ بين ذراعيِّ نصٍّ باردٍ
يشهدُ على أنَّ عناقاتِنا مسرحيةٌ من فصلٍ واحدٍ
عليكَ أن تُقلعَ عن نظمِ قصائدَ يتيمةٍ لا يقرأها إلَّاك
وأن تُفرجَ عَنِ الوقتِ الأسيرِ
في تصدُّعاتِ الكلامِ وشقوقِهِ.
*
لرائحتكَ مذاقُ النعناعِ المحلِّي.
آه كم أنا ضعيفةٌ حدَّ الهشاشةِ تجاهَها!
هل تذكرُ زجاجةَ العطرِ التي تركتَها في خزانتي؟
نثرتُها في الجو لتشملَ محيطَ قارَّةٍ بأكملِها،
هناك يلهجونَ باسمكَ،
ويسعَونَ لملءِ رئاتِهم بتلك الرَّائحةِ بعد أن هزَّت أركانَ الوطنِ.
*
حين حاولتُ عبورَ الحدودِ، احتجزوني في قارورةِ عطركَ ورمَوا بي في البحرِ؛ فهاجَ وماجَ احتفاءً بي وبها.
ألم ترَ ألواني في قوسِ قزح؟
كنتُ على بعد لونينِ أو أكثر منكَ.
سأمدُّ لكَ جديلةً من لونينِ، وقبلةً خضراءَ،
ربَّما سأجعلها ثلاثًا، واحدة على جبينكَ،
والأخرى على كتفكَ،
أما الأخيرة فستكونُ على خطِّ الشَّغفِ الفاصلِ بيننا
تمسَّكِ الآن جيدًا.. واحد، اثنان، ثلاثة،
ها نحن معًا من جديد،
تجمعُنا ألوانُ الطَّيفِ في يومِ شوقٍ عابرٍ.
#ريتا_الحكيم
#نصوص_هجينة







