عَالَم مِنْ وَرَقْ/للشاعرة السورية حنان عبد اللطيف

*****
عالم من ورق
أغلقتُ الفضاء الأزرق لغاية في نفس الريح
يا سيدي نصف الحقيقة عندكَ
والنصف الآخر أكلته السناجب البرية ذات جوعٍ كافر
و ها انا اغادر مكاني وقد نعتني يوماً بأنني أنثى الحنين
تركتُ خلفي آلاف الصور الضالعة بانزياح البشرى
عن مدينة تكبر أثداؤها بدموع أحزانها
و تصغر خجلاً من يباس أمالها
قطعت سهوب الذكرى
اتجهت إلى حيث يرقد أبي و صوته الحنون
و انزاحت أناملي إلى أثواب أمي و عبق نعناعها البري
كل ينابيع المودة المتدفقة
في صدور من أعرفهم جفت
بحجة الالتحاق بعهد الهداية الفكرية
و نبتت لهم قلوب اخرى
تشبه السفر في عناق الظل ليلاً
أقنعتُ نفسي
بأن الهروب في منتصف الهزيمة وسيلة الأقوياء
وأن الحكمة سيدة جاحدة بمريديها
في زمن لايعترف بفضيلة الضعفاء
و كعادتي حاولت التشبث بأسلاك الصمت
حرصاً عليَّ ألا أسقط
فريسة التأويلات
لماذا و كيف ومتى و أين
لست ادري ؟!
لم اجد شيئاً يروي عطشي
يا لقلبي الرقيق !!!
حتى النرجسة البرية امتعضت
و انكفأت عن حفلات الرقص خارج السرب
واتخذت الإنزواء ملاذاً لها
تعبت من التكهنات يا سيدي
في وطن مهزوز مقهور
تسكنه طوابير الغبار
على رفوف الذكرى
تعبت من كذب الحقائق علبنا
و من بدايات الأشياء الجميلة
بداية الفرح المسافر في قمصان الليل
بداية اختمار الفكرة ونقيضها
اول الشهر المرتبط بالحلم
بداية الوقت المتسارع للحاق بالمسافة العرجاء
اول اللقاء و بدء قصص الحب
تعبت من انتظار الخطوة الأولى
في وطن دروبه رخوة
و أحلامه مؤجلة
لماذا … لماذا ياسيدي
تقتلنا حروف الإنكسار المبهم
و تجرحنا عطاياالعتاب واللوم بشظاياها
.
.
حاولت جيداً أن أكتبني
أن أقرأني
أن اجدد قواميس لغتي
لعل التطور يجتاح مملكتي
أرسم وجهي على سطح الماء سنبلة للعطاء
و ألقي حجراً فيروزياً في مياه راكدة
تلكأت
تبعثرت
ضعت مني
كما يضيع الصراخ في الفراغ الكئيب
مَن أنتَ
مَن أنا
و مَن يرسمنا قلوباً سوداءً
على جدار زمن ضرير
هامش :
_رقيقة هي الروح فلا تضغط عليها كثيراً
لئلا تتمزق و تسافر عنكَ على دروب الضياع
لا تتخذ من مقولة / الأيام تداوي الجراح /
عنواناً لكَ
فالجرح يندمل ولكن الندب تترك أثراً واضحاً مهما تعاقبت علينا الأيام والفصول
/ حنان عبد اللطيف







