لِلحُروفِ طَعمُ الدَّمْعِ… جورج عازار

يجتاحُني الكَمدُ مِثلَ العَواصِفِ
في الوِديانِ السَّحيقةِ
يَلهو بأقداري
كَأنَّني سُنبلةُ الحَصَادِ
على شَفيرِ الحُقولِ القَصيِّةِ
ومِثلَ نافِذةٍ مُهَشَّمَةٍ
في البُيوتِ المهجورةِ
“نفسي حزينةٌ حتَّى المَوتِ”
ولِلحُروفِ طَعْمُ الدَّمعِ المَالحِ
في دَفاتري العَتيقةِ
والكلماتُ في عهودِ البُكمِ
أغلالاً صارت وأصفادَاً
وكُلُّ القَصائدِ
أمسَتْ في الزَّنازينِ تُعتَقلُ
فكيف الخُروجُ من الجَوى يكونُ؟
وأنا الحبيسُ منذُ دهورٍ
والسلاسلُ تُخيطُ فَمي
واليَراعُ في الحُلمِ يَتوهُ
كُلُّ الكوابيسِ في ظُلمَةِ الَّليلِ
سُوسٌ يَنخرُ كالأوهامِ في روحي
وعلى تَوجُّعاتِ الذِّكرى يتراقصُ
ويُرديني
هو الهلاكُ حين يكونُ الكلامُ
والسُّكوتُ مَظْلَمَةٌ
وصَمتُ العَارفينَ دَمارٌ
من غيرِ صَوتٍ أُنادي
ويُجيبُني الصَّدى
وتتشتَّتُ صَرختي
في آذانٍ بها صَممٌ
أرحلُ في كُلِّ يومٍ
أجوبُ الفضاءاتِ غيرَ هَيَّابٍ
“لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ
وَلَكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا”
أعلنتُ الحِدادَ على أمسي
وحَاضري مَكلومٌ
والغدُ دَينونةٌ وحِسَابٌ
أكَلَتِ الرِّياحُ ما كنتُ قد نَظمَتُ
وأحاديثُ المَاضي
من غير عَودَةٍ رَحَلتْ
وأنا ما زِلتُ على الأبوابِ
أَنتظرُ
كيف المُجونُ مَناقِبَ صَارتْ؟
وكيفَ المَكارِمُ
في عَصرِ الجُنوحِ
حَماقَةٌ وضَّياعٌ؟
مَحظوظٌ مَن ثَقُلَتْ مَوازينُهُ
حينَ الأرقامُ
تُقرِّرُ وتَحكُمُ
حِنطةٌ وزؤانٌ
وشَمسٌ تُبدِّدُ لونَ الدُهمةِ
وتفتَحُ دَرباً بين الغَمَامِ
أبداً لا يُوصَدُ
والأرضُ بِلا كَللٍ في الكونِ
تَدورُ
وتَباشيرُ الصُّبحِ بِتُؤَدَةٍ
تَقتَرِب







