منوعات و مجتمع

العثور على أول دليل قاطع على “الصدأ” في التربة القمرية

كشفت دراسة جديدة أن عينات التربة القمرية التي جلبها مسبار “تشانغ آه-6” الصيني تحتوي على حبيبات دقيقة من أكاسيد الحديد.
فبعد عقود من الاعتقاد بأن بيئة القمر تمنع تأكسد العناصر، ظهرت أدلة دامغة على وجود حبيبات دقيقة من أكسيد الحديد “الهيماتيت” في عينات التربة القمرية.
ولطالما ساد في الأوساط العلمية تصور بأن الحديد على القمر يوجد حصريا في حالته المختزلة، دون أي فرصة للتفاعل مع الأكسجين.

وحتى البعثات الاستكشافية السابقة، بما فيها بعثات “أبولو” الأمريكية، لم تقدم سوى أدلة محدودة على وجود أكسيد الحديد، الذي كان يعتبر مركبا غير مستقر في البيئة القمرية.

غير أن عينات “تشانغ آه-6” أحدثت ثورة في هذا المفهوم. فقد كشفت الدراسات أن حبيبات الهيماتيت الدقيقة تتواجد خاصة في صخور قمرية تشكلت بفعل الحرارة والضغط الشديدين الناجمين عن اصطدام النيازك.

وهذه الصخور الخاصة تتكون من شظايا متلاحمة، تحكي قصة التحولات الكيميائية التي تحدث في أعقاب الاصطدامات النيزكية.
ويطرح العلماء نظرية جديدة لتفسير هذه الظاهرة، مفادها أن المعادن الغنية بالأكسجين مثل “الترويليت” وغيره من الكبريتيدات، تطلق مخزونها من الأكسجين عند التعرض للطاقة الهائلة الناتجة عن اصطدام النيازك. وهذا الأكسجين المتحرر يجد طريقه للتفاعل مع جزيئات الحديد، في عملية أشبه ما تكون “بالصدأ” الذي نعرفه على الأرض.

ولا تقتصر أهمية هذا الاكتشاف على كونه مجرد إثبات لوجود أكسيد الحديد (Fe₂O₃) على القمر، بل يمتد إلى كونه مفتاحا لفهم عدد من الظواهر الغامضة. فالشذوذات المغناطيسية التي لوحظت في شمال غرب حوض “إيتكين” بالقطب الجنوبي للقمر، قد تجد تفسيرها في وجود هذه التركيزات من الهيماتيت المغناطيسي.

وتمثل العينات التي جمعتها مهمة “تشانغ آه-6” من حوض “إيتكين” كنزا علميا حقيقيا، حيث تتيح للعلماء فرصة غير مسبوقة لدراسة العمليات الكيميائية في واحدة من أكثر المناطق القمرية غموضا.

وهذا الاكتشاف ليس نهاية المطاف، بل بداية لفصل جديد في فهمنا لتطور القمر وتاريخه الجيولوجي، قد يقودنا إلى إعادة النظر في الكثير من المسلّمات حول تكوين الأجرام السماوية.

المصدر: إندبندنت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى