رؤي ومقالات

د.فيروز الولي تكتب :العليمي… رئاسة في الفراغ، وحكومة خارج سياق الدولة

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

منذ تعيين رشاد العليمي رئيساً للمجلس الرئاسي، يواجه اليمن واحدة من أكثر المراحل السياسية ضبابية وافتقاراً للفاعلية منذ بداية الحرب.
فعلى الرغم من الرمزية الكبيرة التي حملها تشكيل المجلس عند الإعلان عنه، فإن الأداء العملي خلال الفترة اللاحقة كشف فجوة واسعة بين حجم التحديات وقدرة القيادة الحالية على التعامل معها.
من يتابع صفحة الرئاسة الرسمية يلاحظ مشهداً يختزل المشكلة بدقة:
الرئيس يبعث رسائل تهنئة وتعازٍ إلى العالم بأكمله، ولكن لا دولة تبادل الرجل اعترافاً سياسياً يعكس الوزن المفترض للشرعية.
غياب الردود ليس مجرد تفاصيل بروتوكولية؛ إنه مؤشر مقلق للعزلة الدبلوماسية التي تعيشها الشرعية اليمنية في هذه المرحلة.
رسالة واضحة للمملكة والإمارات: دوركم محوري… ومسؤوليتكم أكبر مما يُقال
لا يمكن الحديث عن الشرعية اليمنية دون الإشارة إلى الدور الجوهري للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
غير أن استمرار الرهان على منظومة سياسية عاجزة، غير قادرة على إدارة المؤسسات أو إنتاج قرار وطني واضح، يساهم — سواء بقصد أو من دون قصد — في إطالة أمد الأزمة بدل احتوائها.
اليمن لا يحتاج إلى دعم عسكري ومالي فقط،
بل يحتاج إلى هندسة سياسية جديدة تضمن:
مؤسسات قابلة للحياة،
قيادة تمتلك استقلالية القرار،
ومشروع دولة لا مجرد إدارة مؤقتة للأزمات.
أي دور إقليمي لا يضع هذه العناصر في قلب المعادلة، سيبقى جزءاً من المشكلة، لا جزءاً من الحل.
حكومة بلا فعالية… ومؤسسات تمارس الوظيفة دون أن تنتج السياسة
واقع وزارات الشرعية اليوم يكشف حالة جمود وظيفي غير مسبوق:
– لا خطط اقتصادية واضحة
– لا إصلاحات مؤسسية
– لا رؤية أمنية أو دفاعية تعيد ضبط بوصلة الحرب
– ولا سياسة خارجية فاعلة تكسر العزلة الحالية
يبدو وكأن الحكومة تعمل بمنطق “استمرار البقاء”، لا بمنطق “تنفيذ المشروع”.
وهي فجوة تجعل علاقتها بالشعب علاقة انقطاع، لا تمثيل.
وإذا كانت الرئاسة عاجزة عن خلق أثر، فإن الحكومة بدورها لم تستطع تقديم أي إنجاز يبرر وجودها في لحظة سياسية حساسة كهذه.
حتى الدعم الدولي الموجّه لليمن أصبح يصطدم — باستمرار — بضعف المؤسسات المنفذة.
اليمن لا يحتاج إلى تغيير واجهات… بل إلى إعادة تعريف مفهوم الشرعية
في ظل هذا الواقع، يصبح النقاش حول تغيير الأشخاص غير ذي جدوى إن لم يترافق مع إعادة بناء قيادة سياسية تمتلك الشرعية الشعبية والمؤسسية معاً.
الشرعية ليست توقيعاً في بيان دولي،
وليست مقعداً في قمة عربية،
وليست حساباً رسمياً يرسل برقيات.
الشرعية هي قدرة على إدارة الدولة، وحضور سياسي داخل البلاد، وثقة يمنية قبل أن تكون اعترافاً دولياً.
ومن دون هذا الثلاثي، سيظل أي رئيس — مهما كان اسمه — مجرد “واجهة” لا تغير مسار الأزمة.
الخلاصة:
إن استمرار الوضع الحالي يُبقي اليمن في دائرة الأزمة ذاتها، دون تقدم حقيقي.
وهذا يتطلب مراجعة جذرية لدور القيادة الحالية،
ولآليات الدعم الإقليمي،
ولفكرة الشرعية نفسها.
اليمن أكبر من الأشخاص، وأكبر من التحالفات المرحلية.
إنه بحاجة إلى إعادة هندسة سياسية كاملة،
تُعيد للدولة حضورها،
وللشعب ثقته،
وللقرار الوطني استقلاليته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock