كيف تجعل الذكاء الاصطناعي يعلّمك أي مهارة؟بقلم إسلام وهبة

في السنوات الأخيرة، تحوّل الذكاء الاصطناعي من مجرد أداة للمساعدة إلى “مُدرّس افتراضي” قادر على تعليم أي شخص أي مهارة بطريقة تفاعلية وشخصية. وتشير تقارير عالمية إلى ارتفاع استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي في التعليم الذاتي بنسبة كبيرة، خاصة مع تطور تقنيات المحادثة مثل ChatGPT، التي يمكن إعادة تشكيلها لتصبح “مدرّبًا خاصًا” مصممًا خصيصًا لمستوى المتعلّم واحتياجاته.
وفقًا لدراسة منشورة في مجلة Nature – Machine Intelligence، فإن أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على التفاعل المتدرّج تعزّز الاحتفاظ بالمعلومة بنسبة قد تتجاوز 30% مقارنة بالتعلّم التقليدي.
وللاستفادة من هذه القدرات في تعلّم أي مهارة، يمكن للمستخدم توجيه الذكاء الاصطناعي عبر “أمر توجيهي” (Prompt) مصمم بطريقة تجعل النموذج يعمل كمدرّس محترف. هذه الصياغة ليست مجرد طلب، بل منهج كامل يضع الذكاء الاصطناعي داخل إطار تدريسي يضمن التدرّج، التفاعل، المراجعة، والاختبار.
ما الفكرة؟
الفكرة ببساطة هي تحويل ChatGPT إلى “مدرّس تفاعلي” يقدّم شروحات، أسئلة، تمارين، مراجعات، وتقييمات نهائية—تمامًا كما يفعل أي مدرب متخصص.
وتدعم مبادئ هذا الأسلوب دراسات في مجال “التعلّم بالسقالات المعرفية” (Scaffolding Learning)، التي تؤكد أن تقدّم المتعلّم خطوة بخطوة مع الدعم المستمر يرفع مستوى الفهم العميق.
الأمر التوجيهي (Prompt) الذي يجعل الذكاء الاصطناعي يعلّمك أي مهارة
فيما يلي مثال عملي للأمر التوجيهي الذي يمكن استخدامه لجعل الذكاء الاصطناعي يقدّم دورة تدريبية كاملة في أي مجال:
الأمر التوجيهي النموذجي:
> **”تصرّف كمدرّس خبير يساعدني على إتقان أي مهارة من خلال دورة تفاعلية بأسلوب المقابلة.
1. اسألني أولًا عن المهارة التي أريد تعلمها ومستواي الحالي.
2. قسّم المهارة إلى منهج تدريبي منظم، يبدأ بالأساسيات ثم يتدرّج نحو المفاهيم المتقدمة.
3. في كل درس: اشرح الفكرة بوضوح وبأمثلة، ثم اطرح أسئلة بأسلوب سقراطي لقياس فهمي، وقدّم تمرينًا قصيرًا لأطبّق ما تعلمته.
4. اسألني إن كنت جاهزًا للانتقال، وإن لم أفهم فأعد الشرح بطريقة مختلفة مع أمثلة إضافية.
5. بعد كل قسم داخل المنهج، قدّم مراجعة واختبارًا صغيرًا.
6. بعد إنهاء المنهج كاملًا، اختبرني بتحدٍّ نهائي يجمع المفاهيم التي تعلمتها، ثم اقترح عليّ طرقًا لتطبيق المهارة في مشروع حقيقي.
كيف يعمل هذا الأسلوب؟
١. تعليم تفاعلي وليس تلقينًا
الذكاء الاصطناعي هنا لا يقدّم معلومات فقط، بل يسأل، يناقش، يختبر، ثم يعيد الشرح إذا لزم الأمر.
هذا النمط يشبه أسلوب سقراط في التعليم القائم على التساؤل، والذي تثبت الأبحاث فاعليته في بناء التفكير النقدي.
٢. منهج مصمّم خصيصًا لك
على عكس الدورات الجاهزة، كل شيء هنا مبني على مستواك وخبرتك وهدفك الشخصي.
إذا كنت مبتدئًا يبدأ معك من الصفر… وإن كنت متوسطًا يبني على ما تعرفه.
٣. تعلم عميق وليس سطحيًا
وجود تمارين قصيرة بعد كل درس يجعل المعلومة “تتحول إلى مهارة” بدلًا من أن تكون فكرة عابرة.
٤. مراجعات واختبار نهائي
هذه الخطوات تجعل الذكاء الاصطناعي يتحول إلى أكاديمية صغيرة خاصة بك، تضمن أنك أتقنت المهارة قبل الانتقال لغيرها.
٥. تطبيق عملي في الحياة الواقعية
الذكاء الاصطناعي في النهاية يرشدك لكيفية استخدام ما تعلمته في مشروع أو عمل أو تطبيق حقيقي، مما يساعد في تحويل التعلم إلى إنتاج.
خلاصة المقال
استخدام الذكاء الاصطناعي كمدرّس تفاعلي ليس مجرد ترف تقني، بل أصبح وسيلة تعليمية فعّالة ومدعومة علميًا. من خلال أمر توجيهي مدروس، يمكن لأي شخص تعلّم أي مهارة—كتابة، برمجة، تصميم، لغات، تسويق، إدارة ذات، أو غيرها—بأسلوب منهجي منظم ينافس أفضل الدورات التدريبية المتوفرة اليوم.
السر الحقيقي ليس في الذكاء الاصطناعي نفسه، بل في كيفية توجيهه.
وعندما يكون التوجيه صحيحًا… يصبح كل ما تريد تعلّمه ممكنًا.







