إلى من نذر روحه للمسرح..إلى شكري قمعون…..بقلم محمد المحسن
إلى من سخّر صوته،وجسده،وقلبه،ليصنع من كلمات النص لوحاتٍ تتحرك،وشخوصاً تتنفس.

تحية إكبارٍ وإجلال،نرفعها بحروفٍ تعجز عن بلوغ عظمة عطائك،إلى ذلك المسرحي المبدع ( شكري قمعون)،الذي لم يكن مجرد مخرج،أو ممثل،أو كاتب،بل كان خالقَ عوالمَ،وواعظاً بلا منبر،ومعلماً بغير صف.
من ذا الذي ينسى تلك الليالي التي أهديتها للمسرح؟ ليالي التمرينات الطويلة،وتفاصيل الإخراج الدقيقة،وهمسات الممثلين،وصوتك الحاني وأنت تشرح،تصحح،وتُلهم.كنتَ تحمل همّ كل مشروعٍ كما يحمل الأب همّ أبنائه،تبحث عن الكمال لا لذاتك،بل لأنك تؤمن بأن الجمهور يستحق الأجمل،والأعمق.
لقد أنجزت الكثير،هذه ليست مجرد كلمة عابرة، بل هي حصاد سنواتٍ من العرق والسهاد.كل عرض قدّمته كان لبنةً جديدة في صرح مسرحنا التونسي والعربي،وكل شخصية جسّدتها أو أخرجتها علّمتنا شيئاً عن الإنسان: عن ضعفه وقوته،عن حزنه وفرحه،عن أسئلته التي لا تنتهي.
من خلالك-يا شكري-تعلمنا أن المسرح ليس ترفيهاً فحسب،بل هو مرآة المجتمع،ومدرسة للأخلاق، ومعملٌ للأفكار.كنتَ الشمعة التي تحترق لتضيء دروباً من الجمال والفكر للآخرين.أعمالك كانت خير سفيرٍ للفن الأصيل،فنّ يرفع الذوق،ويحفّز الضمير،ويبقى في الذاكرة طويلاً بعد أن تُسدل الستارة.
كم من موهبةٍ شابة اكتشفتها ورعيتها بيدك الحانية حتى أصبحت نجوماً يشار إليها بالبنان؟ وكم من متلقٍ غادر قاعة المسرح محمّلاً بفكرة جديدة،أو نظرة مغايرة،أو مجرد شعورٍ بالجمال هزّ كيانه؟
هذا هو العطاء الحقيقي،العطاء الذي يبني الإنسان.
فلك منّي كل التحية،أيها المبدع السامق.
لك منّي كل الشكر-يا شكري-،يا من جعلت للمسرح وجهاً مشرقاً،ورسالةً سامية.
دمتَ لنا- يا إبن تطاوين- نبراساً يضيء،وشجرةً تظلّل مسرحنا بظلها الوارف،وتثمر لنا دوماً إبداعاً يسرّ الناظرين.
بقلم: محبٍّ وشاكرٍ لعطائك. محمد المحسن
إضافات:
يُعتبر المسرح أحد أقدم وأهم أشكال التعبير الفني والثقافي في تاريخ البشرية.لا يقتصر دوره على كونه وسيلة للترفيه فحسب،بل هو مدرسة اجتماعية وفكرية ومرآة تعكس واقع المجتمع وتطمح لتطويره.كما يمكن استخدامه (المسرح) كأداة فعالة للتوعية في قضايا الصحة العامة، كالبيئة،حقوق الإنسان،ومحو الأمية،حيث يصل إلى المشاهد بطريقة عاطفية ومؤثرة أعمق من المحاضرات التقليدية.
وخلاصة القول :المسرح ليس مجرد “عرض” نذهب لمشاهدته ثم ننساه.إنه فضاء حيوي للتفكير،والشعور،والنقد، والحلم.هو منبر يعلّق على الواقع ويصنع بدائل له،وهو مدرسة تخرج أجيالاً أكثر وعيًا وإبداعًا وتعاطفًا.وفي عصر التكنولوجيا والعزلة الافتراضية،يبقى المسرح ذلك المكان الذي يجمع الناس في مكان واحد،ليشاركوا معًا لحظة من التأمل والجمال والإنسانية،مما يساهم بشكل لا غبار عليه في رقي المجتمع وجعله أكثر إشراقًا وإبداعًا.







