منوعات و مجتمع

اكتشاف يهزّ علم الكونيات.. أول دليل بصري محتمل على المادة المظلمة

كشف فريق من العلماء عما قد يكون أول دليل مباشر على وجود المادة المظلمة، تلك الكتلة الغامضة التي تشكّل أكثر من ربع الكون ولا يمكن رصدها إلا عبر تأثيراتها غير المرئية.
ورصد العلماء، باستخدام تلسكوب فيرمي الفضائي التابع لناسا، إشعاعا قويا لأشعة غاما يبدو أنه ينبعث من هالة ضخمة تحيط بمجرة درب التبانة، في إشارة قد تقرب العلماء من فك أحد أعقد أسرار الفيزياء الحديثة.

وعلى مدى عقدين من الزمن، سجّل العلماء وهجا لأشعة غاما قادما من مركز مجرة درب التبانة يُعرف بـ”فائض مركز المجرة” (GC)، لكن البنية الجديدة — التي أُطلق عليها “بصمة الهالة” — تعد ظاهرة لم تُرصد من قبل. فالانبعاثات الجديدة لا تتركز في المركز فحسب، بل تمتد بشكل خافت ومتسق عبر نطاق واسع من هالة المجرة.

وأوضح قائد الدراسة، البروفيسور تومونوري توتاني من جامعة طوكيو، أن هذه الإشارة مختلفة جذريا عن أي رصد سابق، قائلا: “بينما يتركز فائض GC في مركز المجرة، فإن إشارة الهالة التي رصدناها منتشرة بشكل رقيق عبر منطقة الهالة. وهذا يشير بقوة إلى مصدر مرتبط بالمادة المظلمة”.
وتستند الدراسة إلى نظرية واسعة الانتشار بين العلماء مفادها أن المادة المظلمة قد تتكوّن من جسيمات ضخمة ضعيفة التفاعل تعرف باسم WIMPs. فعندما يصطدم اثنان من هذه الجسيمات، قد يفنيان بعضهما البعض وينتجان فوتونات على شكل أشعة غاما.

وبالاعتماد على بيانات جُمعت على مدى 15 عاما من تلسكوب فيرمي، رصد توتاني إشعاعا شديد الطاقة يتوافق مع هذه التوقعات، ويمتد على هيئة بنية هائلة تنطلق من مركز المجرة.
وتشير الحسابات إلى أن مستوى الطاقة المسجّل يطابق تماما ما قد تنتجه جسيمات المادة المظلمة عند تصادمها، ما يجعل هذا الرصد أحد أقرب الأدلة إلى الملاحظة المباشرة للمادة المظلمة.

وقال توتاني: “بما أننا نرصد أشعة غاما المنبعثة من المادة المظلمة مباشرة، يمكن اعتبار ذلك رصدا مباشرا لها”.

وتعد “بصمة الهالة” المكتشفة أقوى بنحو عشر مرات من الوهج المرتبط بفائض مركز المجرة، وهو مستوى طاقة يصعب نسبته إلى أي نجوم معروفة أو ثقوب سوداء.

وقال الدكتور مورتس مورو، من معهد لايبنيز للفيزياء الفلكية، والذي لم يشارك في الدراسة: “لا يشع أي جرم نجمي معروف طاقة بمثل هذه المستويات، وهذا يدعم بشدة فرضية المادة المظلمة”.

ومع ذلك، رغم إشادته بالنتائج، يؤكد أن الدليل ليس “قاطعا بعد”.

وعلى الجانب الآخر، يرى البروفيسور جو سيلك من جامعة جونز هوبكنز، أن الاكتشاف “سابق لأوانه”. فهو يعتقد أن تقديرات توتاني لكمية الطاقة المتوقعة من جسيمات WIMPs أعلى مما تشير إليه حسابات أخرى. كما يرجّح أن تكون إشعاعات غاما القوية ناتجة عن انفجار قديم هائل انبعث من الثقب الأسود المركزي قبل نحو 10 مليارات عام، وشكّل هياكل ضخمة تعرف بـ”فقاعات فيرمي”.

ويقول سيلك إن مثل هذه الانفجارات تنتج موجات صدمة شديدة ومجالات مغناطيسية مضطربة قد تسرّع جسيمات كفيلة بإنتاج التوهج المرصود.

ويعترف توتاني بالحاجة إلى المزيد من البحث للتأكد من أن هذه الإشارة ناتجة حقا عن المادة المظلمة. فظهور بصمات مماثلة في مجرات قزمة تهيمن عليها المادة المظلمة سيكون دليلا قويا على صحة هذه الفرضية.

نشرت الدراسة في مجلة علم الكونيات وفيزياء الجسيمات الفلكية.

المصدر: ديلي ميل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى