رسالة متأخرة جدا…زكريا شيخ أحمد / سوريا
أطلتُ النظر فيكم
كمن يرى أطفالاً تائهين
يحاولون أن يختبئوا خلف أيديهم
و لا يعرفون أنّ الأيدي أصغرُ
من أن تخفي خوفاً بهذا الاتساع.
كم حاولتُ أن أرفع عليكم
ستاراً من رحمة أو غيمةً دافئة
تُخفي رعشة أرواحكم ،
لكنّ العُريَ الذي فيكم
كان يتسرّب من الكلمات و من الملامح،
و من تلك الطريقة البائسة
التي كنتم تحاولون بها
أن تبدوا كاملين.
كنتم مكشوفين…
لا لأنني أرى أكثر
و لكن لأنّكم لا تملكون
ما يستحق أن يخفى.
أصواتٌ ترتجف و هي تدّعي القوة،
ظلالٌ ترتفع و هي تبحث عن صاحبٍ
يحملها.
قلوبٌ تحدّث نفسها
بأنها ثابتة
بينما ترتعش كشمعةٍ
أُهملت تحت المطر.
و كنتُ بحماقة من يحبُّ النقاء
أمدُّ عليكم غطاءً من صبري
و أقول ربما يتعلمون الدفء .
لكنني كنتُ أغطي هواءً لا يملك جسداً
و أحرس خواءً يتنكر في هيئة بشر.
فهمتُ أخيراً…
أنّ الشفقة لا تكمّل أحداً
و أنّ بعض العُري ليس فضيحةً
و إنما طبيعةُ من لم يتعلم أن يكون.
لهذا سأترككم.
ليس غضباً و لا كبرياء
و لكن لأن قلبي لا يصلح أن يكون قماشةً
يمسح بها الآخرون فشلهم ثم يظلون يرتجفون.
من أراد الستر يصنعه لنفسه
أما أنتم…
فلا شيء فيكم يخفى
و لا شيء فيكم يستحق أن يُخفى.









