يارَبَّ الأوطانِ…..بقلم سليمان أحمد العوجي

ساعةُ ضجرٍ أنا،
في معصمِ الوقتِ
أقفُ في طابورِ العتمةِ
حافيَ اليقينِ.
أفتشُ عن الحقيقةِ في جيبي،
يتآمرُ الثقبُ والبختُ،
وتغوصُ يدي في رمالِ الخديعةِ
كعاشقٍ مُغفَّلٍ
وثِقَ بمكاييلِ الغزلِ
لتاجرِ الحبِّ.
أميُّ الأماني أنا،
صقيعُ الحاجةِ يُحنِّطُ ماءَ وجهي،
أينما التفتُّ أبصرْ
سجنًا لأمنيةٍ،
وبناتُ أفكاري مصابةٌ
بطاعونِ الحياءِ.
ألفٌ عجافٌ،
وريقُ حقولي رابطُ الجأشِ،
وضرعُ أرضِكَ يفاوضُ
كبرياءَ صبّاري.
على صدرِ داليتي جفَّ
نهدُ العنبِ،
وأنتَ كمِرآةِ راهبةٍ
لا تُدارُ عليها إلا أنخابُ الماضي.
يتآمرُ عليها الودعُ،
وتفرشُ السُّدى لشتاءِ غدِها.
ينهضُ حنيني كلَّ مساءٍ
من قِمقِمِ البكاءِ
كطفلٍ بلا أهلٍ.
وأعرفُكَ من وشمِ الغربةِ
على ساعدِ الموالِ،
وأنا الغريبُ فيكَ أبحثُ
عن حجرِ أُنسٍ
أسدُّ به مغارةَ الوحشةِ،
وأنتَ سرابُ عمري
الأمّارُ بالعطشِ.
كنتَ متكئًا على غفلتِكَ
حين نصّبوك شاهدًا
على معاهدةِ حسنِ الجوارِ
بين الرصاصةِ والقتيلِ،
فكان موتُنا
في أحسنِ تقويمٍ.
أيها البيدقُ المُزهوُّ
بفخامةِ الرقعةِ،
ما نفعُ الملوكِ
إن ترهّلتْ سيادتُها؟
عندما تبلغُ الحكايةُ
سنَّ الرشدِ،
ويزهرُ الكلامُ
على أغصانِ لسانِكَ،
لا تقاطعِ النخيلَ
حين يقصُّ على الريحِ
مزاميرَهُ،
ولا تنهرْ مرجًا يتيمَ الزهرِ
يسألك رغيفًا من ربيعٍ
ما دام لجامُ الماءِ
في كفِّ المطرِ.
يا ربَّ الأوطانِ:
كلُّ أحبّتي انتعلوا يأسَهم
ومضَوا تحت مطرِ الخيبةِ
خِلسةً عن أعينِ البللِ.
يا ربَّ الأوطانِ:
متى يسترجعُ العاطلونَ
عن الحياةِ قناديلَهم؟
على سورِ الغيابِ
بقايا حروفٍ،
قالوا إنها ليستِ الأحرفَ الأولى
لأسمائِكم.
أنا في غيابِكم
ذئبُ حزنٍ متهوِّرٌ،
وسيلٌ غاضبٌ
من وُعورةِ مجراهُ.
بقي لديَّ حفنةٌ من الصبرِ
وكثيرٌ من الصخبِ.
يا ربَّ الأوطانِ:
أعطني وطنًا آخرَ
على مقاسي:
لا يعصبُ عينيَّ،
ولا يشدُّ وثاقي،
ولا يضعُ الملحَ
في عينِ جرحي،
ولا يخيطُ
بمسلّةِ الضغينةِ
فمَ سؤالي.
وطنًا لا تُغريهِ مفاتنُ الخرابِ
كلما شمّرتِ الحربُ
عن ساقِها،
ولا تجلدُ ريحُهُ ظهرَ الشذى
كلما تندّر
بمكارمِ الحبقِ.
أعطني وطنًا
أسمّيه على مزاجي،
أدلّلهُ
ولا أدعُهُ يحبو
على شوكِ أيّامي.
أقفلُ كفّي عليه
وأحميهِ من رفاقِ السوءِ،
وعندما يشيخُ جناحي
وأصلُ إلى أرذلِ الشوقِ
يعشبُ نومي
من حنظلِ الكوابيسِ،
يبرُّ بي
ويحنو على خاتمتي.









