كتاب وشعراء

قَصَّاصُ أَثَرٍ … جورج عازار/ سوريا

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

قَصَّاصُ أَثَرٍ

مِثلَ قَصَّاصِ أثَرٍ
أتَّبِعُ الخَطواتِ
تَارةً مِني تَتوهُ
وتارةً تَظهَرُ
تَبدو لِناظري حيناً إقداماً
وحيناً نُكُوصَاً
تَضيقُ بي الأمَاكنُ
بيداءَ كانَتْ تَجتَرُّ آلامي
أم بحراً مُتلاطِمَ الأمواجِ؟
بعيدةٌ مِثلُ الأُمنياتِ
وقريبةٌ مِثلُ صَدَى الذِّكرى
تُثقلُ كاهِلي المَسافاتُ
وأنا أهبطُ مَرَّةً إلى الأسفلِ
ومرةً أصعدُ نَحو الأعلى
قريبٌ أنا مثلَ السَّحَرِ إلى الفَجرِ
ومثلَ مُزنةٍ إلى المَطرِ
تُرهِقُني الدُّروبُ
بين الفناءِ والوجودِ
وأنسى هُويَّتي بين الفضاءاتِ
ولا أعرفُ ذَاتي
في عَتمةِ الحُضورِ
مِثلَ سيزيفَ
أحملُ صَخرتي العَنيدةَ
وأعلمُ أنَّ القَاعَ
سوف يكونُ المُستَقرَّ
ومِثلَ هوميروسُ
حثيثاً أبحثُ عن الخُلودِ
ودوماً خائِباً
خالي الوِفاضِ أعودُ
قريبٌ أنا على مَرمى حَجرٍ
و آثارٌ تَمحوها الزَّوابعُ
وأثارٌ لا تقوى على مَحوِها
عَوادي الزَّمانِ
وفي آخرِ النَّفقِ
الطَيفُ وَحيداً يسيرُ
كُلَّما أوشكتُ على اللِّحاقِ
صارَ غَمَاماً
وأضحى سراباً
وفَرَّ مثلَ سِربٍ من اليَمامِ
أعدو وهو يبتعدُ
يَضمحلُّ مثلَ الدَّمعةِ
مثلَ البُكاءِ في عُيونٍ يابِسةٍ
وكقطرةِ مَاءٍ أغرَتها
الأرضُ العَطشى
فغابَتْ في السَّوادِ
ضيقٌ وجَدَثٌ
وعُيونٌ غابَ عَنها البَريقُ
مُضطرِبَ الخُطا
كأن الأقدارَ تُلاحِقُهُ
رائحةُ العِطرِ والأنفاسِ
على الدَّربِ تَموجُ
يجيءُ اللَّيلُ
وتُمحى آثارُ الخَطواتِ
يَتلاشَى هُناك المَسَارُ
والحِكايةُ لا تَنتهي
وطَريقُ الإيابِ
بالمَخاطرِ مَحفُوفٌ
كيفَ العَودةُ تَكونُ
والبوصِلةُ منذُ دُهورٍ
لا تَنفَكُّ بالحِسابِ تُخطئُ؟
صُعوداً صارَ الدَّربُ يَتلوّى
حَمَلتُ مَا تَبَقَّى من أزهَاري
كي ترقدَ على مَقرُبةٍ
من الرَّمسِ العَتيقِ
وهناك تَغفو
وتَنامُ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock