بعادٌ وتربطنا حروفنا* بقلم الكاتبة: هبه كيوان/سوريا

*
السّلام عليك حتّى يحيط بقلبك السّلام، السّلام عليك بقدر شوقي لمن لا شوق بي إلّا له، كيف لي ألّا أسألك عن حالك وأحوالك، وحالك حالي وألمك ألمي ووجعك وجعي، غريبةٌ هي ديارنا بغيابك، كما أنت غريبٌ بديار البعد، لا أجد موطنًا آمنا لي إلّا أنت، وها هو الشّوق يحمل خيالي كلّ ليلةٍ إليك.
_____________
كيانك ستكون على ما يرام يا غيث الله الرحيم لي، بحالةٍ واحدة، ألا وهي لقاؤها براوي قلبها الظمآن، فمتى يحين ذلك اللّقاء؟
أنّى للبعد أن يموت؟
أم انقرض الموت من دساتير الفراق، وبقي فقط انتظار سرمديٌّ لا يكفّ عن القمع بأحلامنا، والرسوّ بحلمنا على جزيرة نائية تسمّى الحبّ ونحن ساكنوها، لكن كلّ منّا في طرفٍ من هذه الجزيرة، وما يصل أحد من كلينا إلى طرف حتّى يصل الآخر إلى معاكسه!
أهي دوّامة البين؟
أم مدار البعد؟
أم صراع الانتظار؟
أتعشقني لهذا الحدّ؟
وأنا أقول لك: إنّي أتخلّى عن حبّي وعشقي لك مقابل لقياك…
فمرادي أن تكون أمامي، وأن تنعم عيناي بالنّظر إلى غيث الله الخيّر الّذي قد هطل عليّ بفضله.
تعال يا غيثي لألقاك، ولا بدّ من أن أنهي حبّي وعشقي، فأعيد الأمر من البداية، وأحبّك أضعاف وأعشقك آلاف الأضعاف.
_______________
أتسألني عن مقلة عيني؟
عن هالة؟
أتعلم يا غيثي؟
كنت أتمنّى أن ننجب ابنةً ونسمّيها هالة، كهذه الصّغيرة البريئة الذّكيّة الشقيّة الودودة.
كانت هالة كثيرًا ما تحبّ اللّعب معي، وكانت دائمًا ما تقول لي مقولتك الشّهيرة، لن تكبري وستبقين طفلة، نعم هي طفلتي وأنا طفلتها.
دائمًا ما كنّا نتسامر ونشكو لبعضنا أحزاننا،
أمّا هي فتشكو لي زوجها المتوحّش الّذي لا يراها سوى وسيلة للتّرفيه، وأنا أشكو لها وحش البعد بيننا.
ماتت هالة، وتخبرني بأن موتها لا يحزنك بل زواجها؟
وأنا أوافقك؛ لأنّ زواجها قد قتل طفلين!… هي وابنها.
خرج منها أزرقًا كأنّ دمه لم يكن دمًا يومًا.
كنت أجلس محاذاتها قبل الولادة.
كانت تخبرني أنّها تريد أن تتشارك اللّعب هي وطفلها، بعدما حرمت منه مع بنات جيلها.
أمّا الآن فأنا خائفة!
أنسمّي ابنتنا هالة؟
فتلقى ما لقته صغيرتي هذه؟
أم نسمّيها هالة؟
فأخبرها عن طفلةٍ عظيمةٍ أمٍّ صغيرةٍ كانت يومًا باسمها؟
ونجعلها تعيش خلاف ما عاشته هالة تمامًا.
أجبني يا غيثي النّديّ
ولا تتركني من حروفك، فإنّها أنفاسي الّتي تكاد أن تنقطع.
✍🏻 *هبه كيوان*









