حكاية شوق لا تنتهي ” بقلم الكاتبة: عايدة أحمد المصطفى سوريا 🇸🇾

لم أكتب لأقول إني أشتاق—فالاشتياق كلمة صغيرة جداً أمام ما أعيشه منذ رحيلك.
أنا أكتب لأن قلبي صار ثقيلاً من الصمت، ولأن المسافات التي بيننا أصبحت أطول من احتمالي، ولأن صوتك لم يعد يزورني إلا في الحلم، فأستيقظ لأجد وحدتي تجلس بجانبي.
غيابي عنك ليس قراراً، وبعدك عني ليس عادة.
هو امتحان يومي…
أفتحه كل صباح مثل رسالة لا أريد قراءتها، وأغلقه كل ليل وأنا أقاوم دمعة ما زالت تبحث عن كتفك.
كم تمنّيت لو أن الغربة مجرد طريق، وليست شعوراً يتسلل إلى صدري كلما نظرتُ إلى مقعدك الفارغ، أو حاولت أن أملأ الليل بغيرك فلم أستطع.
غيث…
أشتاقك بطريقة تجعلني أخاف أن يعتاد قلبي النقص، وأن تصبح حياتي نصف حياة لأن نصفها الآخر يعيش هناك… حيث أنت.
ولأنك غائب، ولأن الوجع لا ينتظر، يجب أن أخبرك ما كان يؤلمني أن أخبرك به…
الطفلة هالة… لم تعد بيننا.
رحلت بهدوء يشبه صغر عمرها.
كانت تقاوم كما لو أن قلبها الصغير يحاول التمسك بالحياة بعناد النوارس في وجه الريح، لكن التعب كان أقوى منها.
كانت تنام كثيراً في أيامها الأخيرة، وتستيقظ قليلًا، وكل مرة تفتح فيها عينيها كانت تبحث عن شيء من الأمان… شيء لم تستطع الدنيا أن تمنحها إياه.
لم تتألم كثيراً، أو هكذا أحبّ أن أصدق، لكنها كانت تتلاشى أمامنا مثل شمعة يابسة لا تملك ما يكفي من الضوء لتكمل الليل.
وفي لحظتها الأخيرة… ابتسمت.
ابتسامة خفيفة، كأنها تودّعنا وتستريح أخيراً من كل ما أثقل جسدها الصغير.
أخبرك بهذا لأنك أقرب الناس إلى قلبي، ولأنني أعلم أن هالة كانت تعني لك الكثير كما كانت تعني لنا جميعاً.
ورغم كل الحزن الذي يحيطني الآن… أتمنى أن يصل إليك قلبي بلا ضعف، فقط بحقيقة واحدة:
أشتاقك كما لو أنك الحياة، وأفتقد هالة كما لو أن الرحمة سماءٌ لا تنزل إلا على الطيبين.
عودتك… هي الشيء الوحيد الذي ما زال يمنحني صبراً لأكمل الأيام.









