كتاب وشعراء

رسالة فاضت من الشوق، بقلم الكاتبة فاطمة صديق/سوريا _______

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

سلامٌ من اللّه عليكَ يامن سكنت الفؤاد وتملّكت القلب، سلامٌ على رفيق الدّرب ومُلهم الحرف.
أما بعد، لا يسعني القول سوى أنّي اشتقت إليك بقدر اشتياقكِ اضعاف، فقلبي لم يعد يحتمل بُعدكَ أبداً، أتسألُني إن اشتقت إليك، فواللّه نار الشّوق التهمت جسدي بأكمله وبعدكَ أَعلن عن حرب الانطفاء قبل أن تبدأ، كيف أصف لكَ شوقي يا مُهجة قلبي.

أشتاق إليك مع كلّ قطرة مطرٍ في ليالي تشرين، ودمعة طفلٍ بات ينتظر أباه حتّى المجيء، ودعاءُ أمٍّ انتظرت ابنُها لأعوام ولم تدرِ ماحاله.

كلّ كلمةٍ كتبتُها كانت بلسماً لكلّ داءٍ أصابني في بعدك، فهل ستأتي وترفق بجراحاً خاب راقيها، شوقي لكَ معادلةٌ يصعب حلها فكن أنتَ الحلُّ الوحيد لها.

كلّ يوم أقرأ حروفك، أعجز عن كتابة رسالتي لك!
هل أكتب بنور قلبي؟
أم بنار شوقي؟

في كلّ ليلةٍ أتسامر أنا وقمري الّذي يُخفّف ثقل بعدكَ قليلاً، نتساءل عن موعد اللّقاء، يُواسي أحزاني ويمسح دموعي، ويُهديني إلى الدّعاء للُقياك، والأمل في رؤية عيناك.

أحببتك وكأنّك وحيداً وسط هذا العالم، أحببتك لدرجةٍ لا أرى سواك، أراك في وجوه الجميع وكأنّ شوقي لك جعل نوركَ في بدر جميعهم.

عزيزي، لا تسألني عن حالي بعد موت هالة، فإنّي حزنت على فراقها وكأنّها قطعةً من روحي، هي بمثابة أختٍ صغيرةٍ لي، والآن قمت بدفنها في مقبرة قلبي قبل مقبرة التُّراب.

أتسأل عن مجرمٍ قام ببيع طفلةٍ باتت تلعب في الخارج، هو لم يقم بزواجها فحسب، بل قتلها قبل أن تموت، هو قام بتوقيع عقد موتها لا زواجها.

المسؤول في هذه الجريمة كلّ من كان يداً وعوناً لولدها وأتمَّ هذا الزّواج، لا لم أقول زواج، بل جريمة قتلٍ لا يغفر له سوى حكمُ الاعدام.
كيف لأبٍ أن يدفن ابنته في أوائل عمرها، وشابٍّ لا يملك من الأخلاق ذرّةّ واحدةً أن يتزوج فتاةٍ لم تكمل نضوجها، وأمّا الذّنب الأكبر فهو على عاقد القران، ألم يرى أنّها ليست بقادرة على الزّواج.
هم جميعهم في ذمة الله، إن لم يعاقبوا على قتلها في الدُّنيا فإنّي واثقة أنّهم لن ينجو من عذاب يومٍ لا شفاعة به.

عندما تأتي لزيارتي في كلّ يوم كانت تسرد لي بعضاً من أحلامها الّتي قُتلت قبل أن تتحقّق، أولهم أنّها ستصبح شاعرةً وكاتبةً يُحكى عنها في جميع الكُتب، وآخراً أنّها ستقوم بزيارة بلدان العالم جميعهم، وآخرهم أنّها ستتزوج من فارس أحلامها عندما تنتهي من تحقيق أحلامها، نعم كانت تريد الزّواج لكن ليس في هذا الوقت.

في صباح اللّيلة الّتي كانت أشبه بدخول إلى سجنٍ مدى الحياة، كانت سوداء معتمة بالنّسبة ل هالة، كانت ليلةُ انتهاء هالة للأبد وانطفائها وكأنّها جسداً بلا روح، أتت من منزلها والدّموع تملأ وجنتيها، وتقول لي: لا أريد هذا الزّواج، فإنّي لست قادرة على العيش مع رجلٍ أكبر منّي باعوام…
لست قادرةً على إنجاز مهام شابةٍ بعمر العشرون، إنّي أترك العمل في المنزل لوالدتي وأخرج للّعب مع أصدقائي، كيف لي أن أُقيّد بمسمى زواج.

لم يكن بوسعي تخفيف ألم قلبها، فلا والله لا يخفّفه أحد ولا يشعر به سواها، هي ذهبت إلى من هو أحق بالرّحمة، وأخذت قلبي معها.

رحمها اللّه فهي طفلةٌ أشبه بملاك، تداوي الجراح وتمحي الحزن عنك، حينما أشتاق لكَ كثيراً كنت أحدّثها لتملأ قليلاً من بعدك، فبرائتها تطغي على كلّ الأحزان.

أنتظر عودتكَ في أقرب وقت، لا تجعلني أنطفأُ أكثر من ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock