رسالة وكيان/ بقلم الكاتبة / سماح محمد / اليمن

من” كيان” إلى “غيث”
السلام لقلبك ولا أرى تحية تليق بجنابك إلا السّلام لأنّهُ يفيض منك ويعودُ إليك.
أما بعد:
أمّا الشوق فقد اقتحم خافقي واستوطن فيه مُقسمًا بالله وتالله ألّا يغادر أزقّة فؤادي إلّا بعدما يراك، فرض حكمه عليّ كسلطانٍ جائر، غدرني وأنا في حالة سهوٍ عندما كنتُ سارحة بخيالي إلى طيف ذكراك، ومذ تلك اللحظة وحتى الآن وأنا مرميّة في سجن ذاك الجائر فكانت وجبتي مداد قلم أصبهُ على ورقٍ أبيض لأشكو إليك عواقب بعدك عني فأنصت لما أقول
عجاف أيام بعدك ي غيثي فمتى أُغاث بلقاءك، خاوية من كل شعور إلا شعور الشوق الذي فتت أضلعي، رميتني في بئر الحنين فمتى تمضي قافلتك لتُخرجني،
عزيزي غيث
لقد وصلك النبأ المشؤوم عن هالة وطلبت مني أن أحدثك عنها
رأيتها يا غيث رأيت جنازتها وهي تمر أمام عيني قطعتني قصة حياتها المبكية إرباً إربا وزادت فوق كمدي شجنا، طفلة بعمر الزهور ياغيث تموت نفاساً لأنها لم تتحمل المخاض، وما شجّ ضلوعي قهراً إلّا تلك الونات المتواتراة التي كانت تزفرها والدتها بشق النفس، حق لها أن تبكي صغيرتها حسرة وندمًا لأنها عجزت أن تقتلع إبنتها من تلك الأيدي التي غرستها أمام عينها تحت طاولة عقد القران وألزمت أن توقع على موتها تحت وطأة التهديد من أبٍ عاش عمره عبداً للمال، لقد أجبر طفلته أن ترتبط بمن يكبرها عشرين سنة فقط ليقلب المال بين كفيه، والآن هالة ياغيث تحت أحضان قبرها وجريمتها أنها إبنة لأب يعقد الصفقات ليحصد المال حتى ولو كان على حساب موت صغيرته، يا لقسوته،
ليست هالة من شيعت ياغيث فحسب إنما أحلامها وقلب أمها، وفرحة أخواتها
الظلم سرى بين النفوس حتى صار متوغلاً فيها وليس هناك من يردع
لقد كتبت أنت على خاصرة النور، بلا حبر وبلا أقلام أما أنا فقد جعلت مداد قلبي يخط جواباً لرسالتك
واني اشتقتك ياليث شوقاً أسقمني، وليس دواء سقمي إلا لقاك.
سماح محمد









