كتاب وشعراء

في خاطري……بقلم سليمان أحمد العوجي

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

في خاطري…
امرأةٌ تَحيكُ لي صباحًا
مُكتَنِزًا من نورِ أيّامي الهزيلة،
وتُقنِعُ الزوابعَ
أن تتأدّبَ
قبلَ أن تَمر ببابي
في خاطري…
بلادٌ تُدللُ أحزانَها
كلما ذهبَ السلطانُ إلى سريرِه،
تتمشّى خارجَ النَّصِّ
عاريةً
كربيعٍ مُفجوعٍ بخُضرته.
أهلُها حطّابون
خَلَعوا قلوبَهم
ولبِسوا ذئابَهم
في غفلةٍ من الشجر.
في خاطري…
أطفالٌ عرفوا أخيرًا
أنَّ هَمسَ الأمهاتِ
صُراخٌ
نَسِيَ أن يَكبَرَ معهم.
في خاطري…
امرأةٌ
كلّما وَعَدتُها بالهجرِ
خَذلَتْني مِمحاةُ النسيان،
وكلّما ضلَّلتُ صغارَ حنيني
في الشوارعِ الخلفيّة لذاكرتها
أعادَتهُم إليَّ
وطالَبَتني بالنَّفقة.
في خاطري…
نساءٌ باكياتٌ
لا ناقةَ لهنَّ بالحبِّ
ولا جمل.
يُغادِرنَ القصائدَ
على رؤوسِ أصابعِهنَّ،
قبلَ أن ينهضَ الضوءُ
من فِراشِ الأغاني.
في خاطري…
فَرَحٌ
هو حُزنٌ
فقَدَ ذاكرَتَه.
أُضَلِّلُه عن العياداتِ النفسية
كي لا يَشفى.
في خاطري…
صندوقُ بريدٍ
يَحمِلُ في أحشائِه
كلَّ هذا الحُبّ،
وكلَّ هذا الحُزن،
والغِياب،
والبِشارات،
والنَّعَوات…
من دون أن يَرِفَّ لِقلبِه جَفْن.
في خاطري…
شاعرٌ برُتبةِ ساحر،
يُدخِلُ نساءً هزيلاتِ القلبِ
في كُمِّ قصائدِه،
ويُخرِجُهُنَّ
من ياقةِ رُوحِه
مُكتَنزاتٍ بالعِشق.
في خاطري…
شاعرٌ نبيٌّ
يَمسَحُ جبينَ القصائدِ
فتَشفى
من بَرَصِ الحُزن.
في خاطري…
عاشقٌ
احتارَ أين يُعلِّقُ صورتَها،
ولِكَثرةِ ما يُشبِهُ وجهُها
وجهَ قديسةٍ،
راحَ يَبحثُ
عن كنيسة.
في خاطري…
مُواساةٌ
لِذاكَ الذي نجا،
مُغتَنِمًا فرصةَ الجدال
بين الحياةِ والموت،
ويدُه على زِنادِ الوقت،
مُتَرَبِّصًا
بأسرابِ الصُّدف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock