استراتيجية ترامب وسجال “إكس” يبلوران انقساما أمريكيا-أوروبيا غير مسبوق

تتصاعد المواجهة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى مستوى غير مسبوق، حيث تحولت الخلافات المزمنة حول حرية التعبير وأوكرانيا والهجرة إلى سياسة رسمية أمريكية صريحة.
وبحسب موقع “أكسيوس”، أشعلت غرامة الاتحاد الأوروبي البالغة 140 مليون يورو على منصة إيلون ماسك “إكس” فتيل صراع كانت إدارة الرئيس دونالد ترامب مهيأة له. وورد ماسك باتهام الاتحاد الأوروبي بـ”طغيان بيروقراطي” خنق حرية التعبير، مجمعا دعاة إلغاء الاتحاد الأوروبي عبر هاشتاغ #ألغوا_الاتحاد_الأوروبي.
وانضم مسؤولون أمريكيون كبار إلى الهجوم من ضمنهم وزير الخارجية ماركو روبيو وصف الغرامة بأنها “هجوم على جميع المنصات التكنولوجية الأمريكية والشعب الأمريكي”، نائب الرئيس جي دي فانس وصفها بـ”القمامة” الناتجة عن رفض “إكس” قبول “الرقابة” الأوروبية، السيناتور تيد كروز حث ترامب على فرض عقوبات على الاتحاد الأوروبي حتى يتم إلغاء الغرامة.
وجاء هذا التصعيد متسقا مع رؤية استراتيجية الأمن القومي الجديدة التي أصدرها البيت الأبيض، والتي تصور أوروبا خصما جيوسياسيا، متهمة إياها بـ”الخنق التنظيمي” و”تقويض العمليات الديمقراطية”.
وأشار الموقع إلى أن سياسات الهجرة الأوروبية تلاقي انتقادات بشدة، وأن النخب هناك أطلقت العنان لتغيير ديموغرافي عبر حدود مفتوحة بينما تسكت المعارضة. غضافة إلى تشكيك في إمكانية بقاء بعض حلفاء الاتحاد الأوروبي كأعضاء موثوقين في الناتو بسبب التغيير الديموغرافي، معلنة نهاية تصور الناتو كـ”تحالف يتوسع إلى الأبد”، كما تدعو إلى “تغذية المقاومة” داخل دول الاتحاد الأوروبي كعلاج لما تصفه بـ”محو الحضارة” الأوروبية.
وأصبح التدخل المباشر في السياسة الداخلية الأوروبية، كما تجلى في دعم مسؤولي ترامب وماسك لأحزاب اليمين المتطرف مثل حزب “البديل من أجل ألمانيا”، سمة مكرسة في السياسة الأمريكية الجديدة.
وأثار ذلك التدخل ردود فعل أوروبية حادة من قبل رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا الذي قال: “ما لا يمكننا قبوله هو تهديد التدخل في الحياة الديمقراطية لأوروبا”، أما كبير الدبلوماسيين السابق في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل فقد أكد أنه “إعلان حرب سياسية على الاتحاد الأوروبي.. [ترامب] يريد أوروبا بيضاء مقسمة إلى أمم، تابعة لمطالبه وتفضيلاته الانتخابية”.
ويأتي هذا التصعيد في لحظة حرجة لأوروبا، حيث اجتمع قادة الترويكا فرنسا وألمانيا وبريطانيا مع فلاديمير زيلينسكي في لندن يوم الاثنين، خوفا من أن يرغمهم ترامب على قبول صفقة سلام لأوكرانيا بشروط غير مقبولة لهم، خاصة بعد أن تجاهلت استراتيجية البيت الأبيض ما وصفته بـ”التوقعات غير الواقعية” الأوروبية بشأن الحرب.
يمثل هذا التصعيد انقطاعا عميقا في النظام الغربي ما بعد الحرب، حيث تتحول الولايات المتحدة من حليف تقليدي لأوروبا إلى منافس جيوسياسي يتدخل في شؤونها الداخلية ويهدد بتهميشها في المفاوضات التي تمس أمنها القاري مباشرة، في وقت تجد فيه القارة نفسها بين مطرقة الضغط الأمريكي وسندان المخاوف من التقارب الأمريكي الروسي المحتمل حول مصير أوكرانيا.
المصدر: أكسيوس









