تقارير وتحقيقات

القطة لونا في عرين الأسد .. فيلم الموسم

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

كتب:هاني الكنيسي
يبدو أن الفيديو المسرّب الذي نشرته قناة العربية/ الحدث مؤخرًا للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد أثناء قيادته لسيارته متجوّلا في ضواحي دمشق والغوطة، و”متباسطًا” في الحديث “المرح” مع مستشارته الإعلامية والنجمة التلفزيونية الراحلة لونا الشبل، قد فتح شهيّة الإعلام العربي والعبري لتقصّي طبيعة العلاقة التي جمعت بينهما وإحياء “شبهات” عن الجاسوسية وغراميات القصر، وغيرها من “روايات” تشعل المتابعة والتفاعل على المواقع الإلكترونية ومنصات السوشيال ميديا.
إذ تسابقت كبرى الصحف الإسرائيلية، دون استثناء، على تناقل الموضوع المنشور أمس الأول في مجلة “المجلة” السعودية، والذي يعرض “وثائق” تتضمن تفاصيل جديدة عن ملابسات وفاة لونا الشبل في حادث سيارة مريب صيف 2024، وتعزز ما أشيع عن شكوك الجنرال الإيراني ‘قاسم سليماني’ قائد فيلق القدس (قبل أن يغتاله ترمب في بغداد يناير 2020)، بأنها “جاسوسة” لحساب الموساد الإسرائيلي.
كما يربط تقرير “المجلة” بين اختفاء العميد ‘ملهم الشبل’ -شقيق الإعلامية السورية- وزوجته نهاية أبريل 2024، عقب غارة إسرائيلية على مبنى قرب السفارة الإيرانية في دمشق، أسفرت عن مقتل ‘محمد رضا زاهدي’، قائد فيلق القدس في لبنان وسوريا.
وتتضمن الوثائق المنشورة نص محادثة جرت نهاية عام 2019، بعد لحظات من مغادرة لونا الشبل مكتب علي مملوك رئيس جهاز الأمن القومي في نظام الأسد. إذ بادره ‘قاسم سليماني’ -الذي لمحها لدى وصوله المكتب- متسائلًا: “من هذه؟”. فأجابه مملوك “إنها مستشارة الرئيس”. فقال سليماني: “أعلم، ولكن من هو حقًا؟ أين كان يعمل؟” (استخدم قائد فيلق القدس آنذاك ضمير المذكر، كما هو معتاد في مثل هذه السياقات). وكان رد المسؤول الأمني “في قناة الجزيرة القطرية”. فعاد سليماني يسأله عن راتبها .. وتلعثم مملوك، فعاجله الجنرال الإيراني قائلًا: “سأخبرك، أكثر من 10 آلاف دولار. وكم راتبه اليوم؟”.
لم يرد المسؤول السوري، فأجابه سليماني مجدداً: “سأخبرك أنا، نصف مليون ليرة سورية (أي ما يعادل 500 دولار بسعر صرف تلك الأيام) .. هل يُعقل أن يتخلى عن راتب الجزيرة مقابل نصف مليون ليرة سورية؟ إنه جاسوس”.
وبحسب مصادر “المجلة”، فقد حذّر ماهر الأسد أيضًا شقيقه بشار من لونا الشبل، التي لم يثق بها أبدًا.
وبرغم تلك التحذيرات، أقبل الرئيس السوري السابق على تقريبها من دائرته الخاصة، فعيّنها مستشارة خاصة، ودعمتها زوجته أسماء وعينتها في مجلس إدارة إحدى الجامعات الخاصة .. قبل أن تتدهور العلاقة لاحقًا، وتتحول إلى حرب “نسائية” في كواليس القصر الرئاسي.
وكانت لونا الشبل (المولودة في دمشق عام 1974، لعائلة درزية) التقت بشار الأسد لأول مرة في عام 2008، وفي غضون عامين، استقالت من قناة الجزيرة وانتقلت للعمل “رسميًا” مع النظام السوري، أولًا في جهاز الأمني القومي برئاسة علي مملوك، ولاحقًا كرئيسة للمكتب الإعلامي للرئيس شخصيًا.
وحسب تقرير المجلة السعودية، فقد نشأت منافسة حادة بين لونا ورئيسة المكتب السابقة بثينة شعبان. لكن بمرور الوقت، عززت المذيعة الشقراء نفوذها، وطورت علاقة وثيقة مع السيدة الأولى أسماء الأسد، وبلغ نفوذها حد “الوساطة” في العديد من القضايا الحساسة. على سبيل المثال، عقدت اجتماعات مطولة مع خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس آنذاك، قبل إغلاق المكتب ومغادرته دمشق عام 2012.
ولأنه “لا يفل الحديد إلا الحديد”، فقد بدأ أفول نجم لونا الشبل في دوائر السلطة السورية، مع تعاظم الشائعات عن “قربها الاستثنائي” من الرئيس. فطلبت أسماء الأسد أن تعمل مستشارةً لها بدلاً من زوجها، وهو ما رفضته لونا “بحسم”. وذكر المقربون منها أنها كانت تُعرب “بإلحاح” عن رغبتها في أن تصبح “السيدة الأولى في سوريا”. وعندما علمت أن زوجة الأسد أُصيبت بالسرطان مجددًا، نُقل عنها قولها: “إن شاء الله، ستموت”. ووفقًا للمنشور، تضاءل نفوذ المستشارة الرئاسية منذ تلك اللحظة.
وبالتزامن، تأججت الشكوك في علاقاتها “الاستخباراتية” وفي عمالتها لأجهزة أجنبية.
ففي مطلع 2024، ترددت تساؤلات “في الدوائر العليا” عن مصادر ثروتها، بعدما اشترت عقارات في دبي بقيمة ثمانية ملايين دولار. وكانت قبل ذلك بعامين، افتتحت مطعمًا روسيًا فاخرًا في حي المزة بدمشق، أطلق عليه اسم “ناش كراي”، لكن ترددت الشائعات وقتها بأن المطعم كان “هدية من بشار الأسد”!!
ومع تغلغل التحقيقات الأمنية “السرية”، بأوامر من أسماء الأسد (حسب الرواية المنشورة)، اكتشفت السلطات السورية أن لونا الشبل سُجّلت أملاكها في الخارج باسم نسرين محمد زوجة شقيقها ملهم (اللذين اعتُقلا في أبريل من العام الماضي ثم اختفيا معا، وقيل إن الأمن السوري اغتالهما).
وينقل تقرير “المجلة” عن مصادرها، أن لونا وشقيقها أعربا في أكثر من مناسبة خاصة عن “عداء شديد تجاه إيران وحزب الله”، وهو ما عزّز اتهامات الأجهزة الأمنية في دمشق وطهران لها بأنها “عميلة لإسرائيل”، وربطوا بينها وبين سلسلة الاغتيالات التي طالت كبار المسؤولين الإيرانيين واللبنانيين في دمشق، أثناء الحرب الإسرائيلية على الجبهات السبع.
وتمضي فصول الرواية “الدرامية”، لتكشف تفاصيل إضافية عن ظروف مصرع لونا الشبل “الغامضة” في يوليو 2024. فيذكر تقرير “المجلة” أنها أُصيبت في حادث سيارة أثناء توجهها إلى منزلها، ونُقلت إلى المستشفى حيث فارقت الحياة بعد ساعات. ويتضح من معاينة صور الـ BMW “المصفّحة” التي كانت تستقلها، أن السيارة لم تُصب إلا بأضرار طفيفة. بينما أفاد شهود عيان للمجلة السعودية أنه “بعد خروج حارسها الشخصي، اقترب شخص مجهول من السيارة، وضرب لونا على رأسها، ما أدى إلى شلّ حركتها”. وهي الرواية التي تدعم نظرية أن حادث الاغتيال كان له “دوافع سياسية”.
وبغض النظر عن مدى دقة الرواية وصدقية مصادرها، أو دوافع ترويجها في هذا التوقيت، ففي رأيي المتواضع أنها تصلح لسيناريو فيلم أكشن ميلودرامي، بإسقاط سياسي، وإثارة عاطفية، وسردية تاريخية.. أتوقع إن توفّرت له ظروف الإنتاج السخي والإخراج الإبداعي أن يحطم شباك التذاكر في دور عرض الشرق أوسط الهندية.
فقط يحتاج “المشروع” لاسم جذاب ..في انتظار اقتراحاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock