زهرة البنفسج/بقلم/نازك حكيم/العراق/ مجلة العربي اليوم//

بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم، والصلاةُ والسلامُ على خاتمِ الأنبياء والمرسلين.
نبتدئ صفحات هذا الكتاب بمقدمة عن زهرة البنفسج؛ تلك الزهرة التي تلامس القلب برقتها، وتغسل الحياة بنقائها، وتمنح الكلمات روحًا جديدة من الصفاء والجمال.
هذا الكتاب سيأخذكم إلى عالمٍ آخر… عالمٍ تفيض فيه البهجة، ويسكنه السرور، وتتراقص على صفحاته الكلمات الساحرة التي تُنير الدروب.
سنبدأ بعون الله تعالى أولى فصول هذا العمل بالحديث عن زهرة البنفسج.
زهرة البنفسج هي فتاة جميلة، ذات عينين زرقاوين بلون السماء، وشَعرٍ أشقر يتلألأ كخيوط الشمس. جمالها عذب، وحضورها له أثر يشبه السحر، وفي بريقها عالمٌ من النقاء يأسر الروح.
سنأخذكم في هذا الكتاب إلى عالمها… عالم الجمال. **الفصل الأول
عالمُها… عالمُ زهرةِ البنفسج**
عالمُ زهرة البنفسج عالمٌ جميل، رقّتُه كعذوبة الماء، واتساعُه كاتساع الخيال. تبحث فيه عن حبٍّ ضائع، حبٍّ يؤمن قلبُها أنه سيجد طريقه إليها يومًا ما، كما يجد الماءُ مجراه مهما تاه.
زهرة البنفسج فتاةٌ بعيونٍ ساحرة، فيهما عمق وروعة، كأنهما مرآتان للسماء. وشَعرُها المنسدل على كتفيها يتمايل مع خطواتها، فيزيدها هدوءًا ولطفًا وانسيابًا.
هي رقيقة… جميلة المنظر… وتملك سحرًا يخطف قلوب من يراها لأول وهلة.
وفي عالمها الهادئ، تتحدث بصوت خافت، بصمتٍ يسمع، وكأن الكلام يتشكل من نظراتها. حتى حين تصمت، تُخيَّل لمن يراها أنها تُحدّث العالم بعيونها.
نراها كأنها أيقونةٌ من الجمال، أو وترٌ في قيثارةٍ سماوية، أو مثيلةٌ شامخة.
يا قيثارةً جميلة…
ويا أيقونةً رائعة…
ويا مثيرة ً بابلية… يا ابنة العراق الجميلة…
يا ملكة عصرها وحديث زمانها…
حدّثينا عنكِ، يا زهرة البنفسج…
أخبرينا شيئًا من روحك، شيئًا نقرأه في هذا الكتاب كما لو أننا نسمع همسات قلبك. **الفصل الثاني
صوتُها الرَّقراق**
يا زهرة البنفسج… يا جميلة الروح والمنظر…
حدّثينا، أو دعينا نسمع صوتكِ الرقراق، ذاك الصوت الذي يشبه نغمات القيثارة حين تلامس أوتارها نسمةٌ خفيفة، فتوقظ في السماء لحنًا لا يُنسى.
رفعت رأسها بلطف، وقالت بصوتٍ خافت كأنّه أغنيةٌ تُغنى، أو همسةٌ دافئة تنساب إلى القلب:
“أنا فتاة صغيرة، بلغتُ الثامنةَ عشرة من عمري…
أحاول أن أجد لنفسي مكانًا في هذا العالم، وفي هذا الزمان.
أمشي في دروب الحياة، وأبحث عن طموحٍ يشبهني، عن حلمٍ ينتظرني.
أبحث عن إنسان… لا ملكًا ولا أميرًا…
بل قلبًا صادقًا، ووجهًا يبتسم بصدق.
في مفكرتي وذاكرتي، أبحث عن حبٍّ لعلّ القدر يجمعه بي يومًا.
قلبي فارغ… لا يملؤه أحد.
فمن سيكون؟
من سيأسر هذا القلب؟
من سيطرق بابه دون أن يؤذيه؟”
تتنهّد زهرة البنفسج وتتابع:
“أنا أسيرةُ أحزانٍ صامتة، وبعيدةٌ عن الأمان.
ليس لي مكانٌ في هذا المكان…
حتى أحلامي، إمّا ورديةٌ رقيقة، أو خيالاتٌ تحلّق في السماء.
فمن سيأتي؟
أعلى فرسٍ أبيض؟
أم على غيمةٍ تمطر دفئًا؟
أم على سحابةٍ تحملني نحو برّ الأمان؟”
ثم تبتسم ابتسامةً خفيفة تلمع في عينيها زرقةٌ دافئة، وتقول:
“أريده أن يأخذ بيدي…
أن يحمل قلبي بلطف…
أن يرافقني إلى عالمٍ يغمره الحنان والطمأنينة،
حيث يظلّلنا الوجود الإلهي برحمته،
ويسكن عالمنا… عالم الحب والجمال.”
//نازك حكيم العراق//









